بعد مصرع بيشوي سمير قبل زفافه بايام دفاعا عن اخته...وداعا للأصول

ودّعت منطقة الهرم في جنازة مهيبة، الشاب بيشوي سمير ، الذي لقي مصرعه دفاعًا عن شقيقته، في واقعة مؤلمة أعادت للذاكرة سؤالًا قديمًا جديدًا: هل ما زلنا كما كنا؟ هل بقي في مجتمعنا ما يكفي من القيم لنحمي من تبقى من أمثال بيشوي؟
بيشوي لم يكن مجرد شاب، بل كان صورة من الزمن الذي كنّا نقول فيه إننا "شعب متدين بطبعه"، تلك العبارة التي كانت تُردد بفخر، قبل أن تتوارى خلف مشاهد المسلسلات التي جعلت من البلطجي بطلًا، ومن السطحي نجمًا، ومن صاحب القيم شخصًا ساذجًا لا مكان له في هذا العالم الجديد.
في العقود الأخيرة، تغيّر المشهد. اجتاحتنا موجات من "الفن" المفرغ من المعنى، حيث تُرفع قيمة التفاهة ويُهمش العقل، ويُمنح الضوء لمن يرقص أكثر لا لمن يُفكر أكثر. تحوّل الإعلام إلى منصة لتلميع نجوم "اللاشيء"، وفتح الأبواب لنجاحات زائفة لم تعرف الكفاح ولا الأخلاق.
في وسط هذا المناخ المشوّه، نشأ جيل تتقاذفه التريندات، لا يعرف عن الشهامة سوى لقطات من مسلسل قديم، ولا عن الرجولة سوى منشور على إنستغرام. جيل يرى البلطجة "جدعنة"، ويعتبر الدفاع عن الأخت "رجعية"، ويستهزئ بمن يتمسك بالمبادئ.
أما بيشوي، فكان مختلفًا. لم يتخلَّ عن مبادئه، لم يقف متفرجًا حين انتهكت كرامة شقيقته، بل تصرّف كما يفعل الرجال حقًا. دفع حياته ثمنًا لرجولته، وترك لنا جميعًا سؤالًا مؤلمًا: من التالي؟ ومتى نتوقف عن إنتاج مزيد من الضحايا؟
مقتل بيشوي ليس مجرد جريمة، بل ناقوس خطر. المجتمع الذي لا يكرم أمثاله، يقتلهم مرتين: مرة بالسكين، ومرة بالنسيان. فهل نستيقظ قبل أن نكتب مقالات أخرى، عن ضحايا جدد، فقدوا أرواحهم لأنهم فقط تمسكوا بالأصول؟