فريد عبد الوارث يكتب: من عرف الحق بالرجال حار في متاهات الضلال

احتارت العقول و تاهت الدلائل و بلغت القلوب الحناجر، و أصبحت الأوطان ملعباً للثعابين و للغربان، و ما سوريا عنا ببعيد، فرق متقاتلة و مليشيات متفرقة و قادة من كل بقاع الأرض لا أحد يعرف لهم فضلاً و لا نسبا! و من كان بالأمس إرهابياً مطلوباً و مرصوداً للقبض عليه ملايين الدولارات أصبح اليوم حاكماً بأمره مرضياً عنه من رعاة البقر و ساكني تل أبيب! و لما لا و قد ترك إسرائيل تحتل 500 كيلو متر مربع من أراضي سوريا دون أن ينطق بكلمه وبلا مواجهة أو اعتراض؟ 
و إن كنت لا أرى للحيرة داعياً فالحق لا يعرف بالرجال مهما بلغ علمهم أو كانت منزلتهم، فكل أحد يؤخذ من قوله و يترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، و لا عصمة لأحد بعد الأنبياء و كل عالم أو قائد يؤخذ من قوله و يترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم كما جاء عن الإمام مالك رحمه الله.
لذا وجب على المسلم أن يعرف الحق و يتبعه و لا يعرفه بعالم أو قائد، وقد جاء في الأثر عن علي رضي الله عنه: لا تعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله، و قال بعض العلماء: من عرف الحق بالرجال حار في متاهات الضلال و لذلك فلا ينبغي أن تختلط علينا الأمور فإن رأينا عالما أو غيره يخالف الشرع فلا اعتبار لمخالفته و لا اتباع لقوله، و إنما الواجب رفض فعله و نبذ قوله و اتباع شرع الله تعالى فالحق أحق أن يتبع.
اعرضوا أفعالهم و أتباعهم على الكتاب و السنه و انظروا هل روع صحابة رسول الله عابداً أو كاهناً في صومعته؟ و هل قتلوا شيخاً او صبياً أو امرأة من بلاد كانت تعبد الأصنام و النار و البقر؟ فما بالنا بمن ينطق بالشهادة حتى و إن كان من إحدى الطوائف التي تختلف في الفرعيات؟ 
التغيير .. تلك الكلمة المطاطة التي تصدرت عالمنا العربي منذ ثورات الخراب فأصبحت فوضى خلاقة كما أرادها الأمريكان، فمنذ متى كان التغيير في حد ذاته هدفاً؟ و كيف اقتنعت شعوبنا المتدينة بطبعها أن تهدم أوطانها بيد أبنائها ؟ ألا يدري أصحاب اللحى الزائفة أن للتغيير قواعد أولها أن لا يترتب على تغيير المنكر منكراً أكبر منه ؟ وليس هناك منكراً أكبر من الدماء التي سالت على أرضنا العربية، فما عاد القاتل يدري لماذا يقتل و لا المقتول يعرف لماذا قتل؟ 
هيا بنا نربط الأحداث ببعضها و نرى نتائج شعارات الكاذبين ... لو حكينا يا حبيبي نبتدي منين الحكاية؟ 
أولاً فشلت ثورات الخراب التي اتسمت بالإسلام السياسى السني في مصر و ليبيا و تونس في تحقيق أهدافها، فما كان من الصهاينة و ذيولهم إلا استثمار رغبة الفرس " الإسلام الشيعي " و استخدامهم لتنفيذ الهدف عبر إعداد كمين مرتب و محكم عن طريق اختراق شبكة اتصالات حزب الله اللبناني و معرفة ميعاد 7 أكتوبر و الاتفاق مع أمريكا و أوروبا على تمرير الهجمه لتكون رايه خادعه و حجه قوية لتدمير ما تبقى من فلسطين ... 
ثانياً ... احتفل العرب و ظنوا _ وبعض الظن إثم _ أن اسرائيل تنهار و هللوا لرؤية قادة الجيش الإسرائيلي و هم مخطوفين بملابسهم الداخلية و جاء الدويري ليحلل و يوهم المغيبين بنصر أكبر من نصر 6 أكتوبر المجيد، و خلال ذلك تم شحن و نقل آلاف الأطنان من الأسلحة إلى تل أبيب و حشد دعم غربي غير مسبوق لتدمير غزة تماماً  و تحركت حاملات الطائرات و الأساطيل لحصار المنطقة بالكامل. 
ثالثاً ... جاء دور الإجهاض على إيران عبر قطع أذرعها في لبنان و سوريا و اليمن، و قتل رئيس إيران و اغتيال هنيه في قلب طهران و تنفيذ عملية شبكة اتصالات حزب الله و اغتيال آلاف القادة الميدانين وصولاً إلى التخلص من نصر الله و كافة قيادات الصف الأول في عملية واحده ! وبذلك تم فصل لبنان عن خطوط إمدادها في سوريا . 
رابعاً ... استقبل الكيان بعض صواريخ الحوثيين من اليمن،  ليجد الحجه في تدمير اليمن و عسكرة البحر الأحمر و إغلاق مدخل قناة السويس و حرمان مصر من أهم مواردها الدولارية . 
خامساً ... أصبحت سوريا بلا دعم إيراني و تم كشف ظهرها، و لم يتبقى لها سوى روسيا، و تم عقد صفقة مع الروس ( أوكرانيا مقابل سوريا )  و هرب الأسد و ترك جيشه فريسة سهلة لإسرائيل تفعل به ما تشاء، و يتم تقسيم سوريا، و احتلال إسرائيل ل 500 كيلو متر مربع منها،  و الباقي يتم توزيعه بين أمريكا و تركيا و الجزء الأقل يأخذه الجولاني و رفاقه لتجميع الإرهابيين من كافة أرجاء العالم استعداداً لتدمير العراق و مصر و ليبيا و..  و.. 
ويبقى الكل تائه بين الحقيقة و الوهم و بين الحق و الضلال لنعود لبداية المقال حيث يدعي كل فريق أنه على الحق المبين و لكنها تظل الأفعال هي الكاشفة للكذب و الخداع فمن يتحالف مع أحفاد القردة و الخنازير لتدمير بلده و جيشه و يرضى باحتلالهم لأرضه و ينسى تحرير القدس لا يمكن أن يكون على الحق . 
ظل تجار الدين لعشرات السنين يطالبون مصر بفتح الحدود لحرب أسرائيل و تحرير القدس و ها هي الحدود باتت مفتوحه على مصرعيها من ناحية سوريا،  فهل ستذهبون لقتال الصهاينة يا خوارج العصر؟ ألا لعنة الله على الكاذبين .