جمال حسين يكتب : الراقصون على جثة سوريا !!
«أعطوا القط مفتاح الكرار».. مثلٌ شعبىٌّ يعنى أنهم أعطوا القط مفتاح مخزن المؤونة؛ ليعبث فيه كما يشاء، ويأكل منه كل ما يشتهيه.. هذا المثل ينطبق على كل ما يحدث فى سوريا الآن؛ بعد أن تم تسليمها تسليم مفتاح، بمباركة أمريكيَّة غربيَّة وتخلى روسى - إيرانى للمعارضة؛ حتى يضمنوا أنها لن تعصى لهم أمرًا، وأن تغض البصر عن كلِّ ما يُريدونه لصالح ابنتهم المُدلَّلة إسرائيل، التى احتلت خلال ساعاتٍ فقط أجزاءً من سوريا، وفرضت هيمنتها على الحدود، فى الوقت الذى انشغل فيه مَنْ أطلقوا على أنفسهم «الثوار»، بإقامة الاحتفالات والأفراح والليالى الملاح؛ احتفاءً بفرار الأسد .
الأوضاع فى سوريا تسير بخطوات مُتسارعة مُعقَّدة .
إسرائيل استغلت الموقف وبدأت فى العربدة والتجرُّؤ على العمق السورى.. توسَّعت فى الجولان وضمَّت مساحات جديدة، واستهدفت مخازن السلاح، وفجَّرت مستودعات الأسلحة الكيماوية، وأغارت على المطارات العسكريَّة، وأغرقت الأسطول السورى، ووسَّعت عملياتها العسكريَّة فى مرتفعات الجولان، مُعلنةً إنهاء اتفاقية فصل القوات مع دمشق المُوقَّعة عام ١٩٧٤.. توغَّلت لأكثر من ٢٠٠ كيلو متر، ودمَّرت كل قدرات الجيش السورى وقواعده العسكريَّة، ونجحت فى تقليم أذرع إيران ووكلائها فى المنطقة.
نجم المشهد بلا منازع محمد الجولانى أو أحمد الشرع.
الجولانى الذى ودَّع اسمه وكنيته الحركيَّة وتحوَّل إلى أحمد الشرع فى عملية تجميلية لصورته السابقة يُعيد الآن تسويق نفسه بمكياجٍ سياسىٍّ بحت، ويطوى صفحة ارتباطه بتنظيم القاعدة، ويطرح نفسه كقائدٍ لقوى المُعارضة السوريَّة، وأصبح طرفًا رئيسًا فى المُعادلة السوريَّة إقليميًا ودوليًا وعالميًا بحكم الأمر الواقع، وأنه قد يُفكِّر فى الترشُّح للرئاسة إذا طلب منه الشعبُ ذلك!!
الأعجب أنه لم تخرج عن الإدارة الأمريكيَّة أى إدانة صريحة ضد «الشرع» أو ضد جبهة تحرير الشام، بل العكس؛ فقد ظهرت تسريبات بأن أمريكا تدرس رفعه وهيئة تحرير الشام من قوائم الإرهابيين، وأعلن بايدن أن بلاده ستعمل مع الفصائل لتأسيس مرحلة انتقاليَّة جديدة !!
إن ما يحدث فى سوريا لا يُهدِّد الدولة السوريَّة فقط، إنما يُهدِّد الأمن القومى لدول المنطقة بالكامل .
