فريد عبد الوارث يكتب: رئيس الوزراء و اعتذار غير مقبول
اعتذر رئيس وزرائنا عن بعض الأخطاء الاقتصادية التي حدثت خلال السنوات الماضية مضيفاً أنها لن تتكرر مرة أخرى، و نحن نقول لدولة رئيس الوزراء: اعتذارك متأخر و غير مقبول، فبرغم التحديات التي أحاطت بمصر _ومازالت_و برغم النيران المشتعلة في عموم الإقليم، إلا أن مصر حققت نجاحات باهرة في الملفات الخارجية و في المجال العسكري و هي بلا شك تتصدر كافة الدول العربية و الإفريقية عسكرياً و تمتلك أقوى الجيوش في الشرق الأوْسط، فلماذا نرى ذلك التباين الكبير بين الملفات الخارجية والاقتصاد الداخلي؟
فما بين الرئيس السيسي بفكره و إخلاصه و تفانيه في العمل و بين الحكومة مسافة سنين ضوئية ! و أي ملف لا يتولاه سيادته بنفسه لا يحدث فيه التقدم المأمول! فهل يعود ذلك لضعف مستوى الوزراء؟ و كيف لنا أن نعالج تلك الفجوة بما يحقق التقدم و الاستقرار الاقتصادي بنفس المستوى الخارجي و العسكري المصري الرائع؟
ولعل مستوى وزراء ما بعد ثورة يناير و حتى اليوم غير مرضي لتطلعات الشعب و عليه الكثير من علامات الاستفهام، و على الرغم من التدقيق و التمحيص الذي يخضع له من يتم اختياره لأي حقيبة وزارية، فإننا في النهاية نجد تصرفات أو مستويات أداء لا ترقى إلى أي تطلعات!! مع أننا نطبق كافة المعايير في الاختيار من حيث الشهادات و الخبرة و السمعة الطيبة و إنجازات الوزراء في وظائفهم و مشاريعهم السابقة و لكن تظل شخصية الوزير و تصرفاته و تصريحاته و إنجازاته على الأرض أو إخفاقاته هي المعيار الوحيد الذي لا يمكن ادراكه أو قياسه قبل خوض غمار المنصب الوزاري،
فمنصب الوزير ليس فنياً أو أدارياً أو إجتماعياً أو سياسياً فقط، إنما هو خليط من كل هذا ، و تظهر الحنكة و النجاح في اختيار مقادير استخدام كل عنصر من تلك العناصر بعناية وألا تطغى أي منها على الآخر، فربما تجد مسئولاً يمتلك ملفاً متخماً من الخبرة و السمعة الطيبة و النجاحات السابقة و لكن تظل تصريحاته مثيرة للجدل و في غير التوقيت المناسب ، فيفقد الحس السياسي المطلوب للتعامل مع المجتمع و مشاكله التي لا تنتهي، مما يفقده كل ما يمتلك من مؤهلات و يصنع فجوة كبيرة بينه و بين المواطنين، فيغرد وحيداً بعيد عن السرب، و هو ما أدى إلى وجود ما يسمى بالجزر المنعزلة بين الوزارات!!
وربما نجد في أزمة الأعلاف الشهيرة و التي أدت لزيادة أسعار اللحوم و الدجاج زيادة غير طبيعية ما زلنا نعاني منها و طريقة معالجتها الفاشلة، بالإضافة إلى أزمة الكهرباء و انقطاعها و الذي شوه إنجازات الدولة في ذلك الملف الذي تكلف مليارات الدولارات لتحديث المحطات و إقامة محطلت توليد كبرى فضلاً عن تحديث كافة محولات و خطوط الكهرباء على مستوى الجمهورية، ليس ذلك فحسب بل إننا نجد الفلاح المصري يعاني من أزمة الأسمدة التي تتضاعف أسعارها مرات عديدة في السوق السوداء مما يهدد الزراعة المصرية بشكل عام أمام عجز غير مبرر لوزير الزراعة عن حل تلك المشكلة!!
وهنا تبرز أهمية الوعي السياسي لهذا المنصب و الوعي باتجاهات الرأي العام هو لب الموضوع و عدم طغيان الجانب الفني والعلمي مطلوب للتعامل الصحيح فعامة الناس لا يهمها الا النتائج و وفرة ما تحتاجه في حياتها اليومية، فالأفعال تتكلم أوضح من الكلمات.
وعلى كل وزير او مسئول أن يكون لديه فن التعامل السياسي مع كل الاطياف و التيارات لأن مثل هذه المناصب لا تتحمل أخطاء التصريحات و المواقف و تأخير تطبيق الحلول للأزمات العاجلة.
فمتى نرى مسئولاً أو وزيراً او حتى رئيس وزراء يتحمل نتيجة أخطاءه مستقيلاً و معتذراً عن الاستمرار في منصب أكبر من إمكانياته تجنباً لتكرار الأخطاء و حتى لا يدفع الشعب ثمن أخطاءه؟
عفواً دولة رئيس الوزراء اعتذاركم غير مقبول و حكومتكم في وادٍ و الناس في وادٍ آخر !!!!