المفوضية الأوروبية تدقق امتثال دول الاتحاد الأوروبي للقواعد المالية الجديدة
أعلنت المفوضية الأوروبية تقييمها لمشروعات الموازنة الخاصة بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لعام 2025، ولأول مرة، الخطط المالية متوسطة الأجل للسنوات الأربع المقبلة. وجاء أداء بعض الدول الأعضاء ضعيفا على نحو يثير الدهشة.
وأجرت المفوضية تقييما الأسبوع الماضي لخطط الإنفاق متعددة السنوات التي قدمتها 21 دولة، وقد منحت 20 منها موافقتها، وأخفقت خطة دولة واحدة.
والدول التي نالت خططها موافقة المفوضية هي كرواتيا وقبرص وجمهورية التشيك والدنمارك وإستونيا وفنلندا وفرنسا واليونان وأيرلندا وإيطاليا ولاتفيا ولوكسمبورج ومالطا وبولندا والبرتغال ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وإسبانيا والسويد.
ورغم ذلك، رفضت المفوضية الخطة المتعددة السنوات التي طرحتها هولندا، وطلبت منها إعداد موازنة منقحة تتوافق مع التوقعات السابقة.
ولا تزال خطة الإنفاق التي قدمتها المجرقيد الفحص، في حين لم تقدم النمسا وبلجيكا وبلغاريا وألمانيا وليتوانيا خططها بعد بسبب انتخابات عامة مقبلة، وتشكيل حكومات جديدة.
وماذا عن دول منطقة اليورو؟
ونشرت المفوضية الأوروبية تقييمها الدوري لمشروعات موازنة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لعام 2025، بما يشمل تقارير خاصة بـ 17 من الدول العشرين الأعضاء في منطقة اليورو.
ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي تقديم مشروعات الموازنة الخاصة بها لبروكسل بحلول يوم 15 أكتوبر سنويا، غير أن المفوضية سمحت هذه المرة بمزيد من المرونة بسبب قواعد الانضباط المالي الأوروبية الجديدة التي جرى تطبيقها في وقت سابق العام الجاري.
ويجب على دول منطقة اليورو، العشرين، تقديم مشروعات الموازنة السنوية لكل دولة، في حين يتعين على دول الاتحاد الأوروبي الـ27 تقديم خطط إنفاق متعددة السنوات.
والهدف من ذلك هو جعل الاقتصادات الأوروبية أكثر قوة، والمالية العامة أكثر استدامة.
وفي الوقت الذي اجتازت فيه بعض الدول الفحص المالي بنجاح، هناك دول أخرى لديها عمل عليها أن تنفذه- وقد تلقت هولندا رفضا آخر لموازنتها لعام 2025.
كما خلصت المفوضية إلى أن هناك ثماني دول في الاتحاد الأوروبي- كرواتيا وقبرص وفرنسا واليونان واليونان وإيطاليا ولاتفيا وسلوفاكيا وسلوفينيا- " "متوافقة".
أما الدول الست التالية، إستونيا وألمانيا وفنلندا ولوكسمبورج ومالطا والبرتغال، فهي "غير متوافقة بشكل تام". واعتبرت المفوضية ليتوانيا "معرضة لخطر عدم التوافق"، وهولندا "غير متوافقة".
ولم تتلق أيرلندا تقييما إجماليا نهائيا، ولكن المفوضية خلصت إلى أن صافي نمو الإنفاق في البلاد "من المتوقع أن يكون أعلى من السقف" المحدد.
ولم تقدم النمسا وبلجيكا وإسبانيا خططا مالية.
وعلى نحو تقليدي، تدافع الدول الأعضاء الأكثر ثراء في الاتحاد الأوروبي، وبينها ألمانيا وهولندا، بحماس عن حدود الإنفاق الصارمة للتكتل، مقارنة بالدول الأعضاء الأقل ثراء، جنوبي الاتحاد.
وعلى الرغم من ذلك، دفع التعافي البطيء من التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 والحرب الروسية على أوكرانيا، الدول المقتصدة إلى إن تكافح من أجل الحفاظ على معدلات إنفاق منخفضة.
وقالت المفوضية إن من المتوقع أن يتجاوز الإنفاق التراكمي لألمانيا الحد المسموح به.
يشار إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا، والمكون من ثلاثة أحزاب، انهار مؤخرا بسبب الخلافات حول كيفية معالجة المشاكل الاقتصادية للبلاد. ويتوقع الآن أن يتم اعتماد موازنة البلاد لعام 2025 من قبل الحكومة المقبلة، عقب الانتخابات المقررة يوم 23 فبراير 2025.
أما فرنسا، فهي تواجه مشكلات داخلية تتعلق بالشؤون المالية: حيث ثارت مواجهة سياسية، وفي القلب منها مشروع موازنة البلاد لعام 2025، والذي يتسم بالتقشف الشديد، وتهدد المواجهة بالإطاحة بالحكومة الفرنسية.
وفي ظل توقف وصول نسبة العجز إلى 2ر6% من إجمالي الناتج المحلي للعام الجاري، تعد فرنسا، تقريبا، صاحبة أسوأ أداء بين دول الاتحاد الـ27، ولا يتجاوزها سوى رومانيا، وهي دولة بعيدة تماما عن سقف عجز الموازنة، البالغ 3%، الذي تسمح به قواعد الاتحاد الأوروبي.
ويكافح رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه من أجل أن تتجاوز خطته الاقتصادية، المعارضة التي تبديها الأطراف السياسية المتطرفة. وواجهت الخطة انتقادات من زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان، التي هددت بدعم اقتراح بسحب الثقة من الحكومة حال جرى تمرير الخطة.
ومن أجل الحد من العجز الحكومي والديون الحكومية، تنص القواعد المالية للاتحاد الأوروبي على عدم تجاوز الدول الأعضاء نسبة عجز 3% من إجمالي الناتج المحلي، وعدم تجاوز الدين الحكومي حد 60% من إجمالي الناتج المحلي.
خضوع الدول صاحبة العجز المفرط لمراقبة دقيقة
وتدخل الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي التي تنتهك هذه القواعد، تحت إجراء يتعلق بالعجز المفرط، حيث تخضع لمراقبة عن كثب من قبل المفوضية الأوروبية أثناء قيامها بإعادة مواءمة نفقاتها مع قانون التكتل.
وفي الوقت الحالي، تواجه ثماني دول إجراء العجز المفرط وهي: فرنسا وبلجيكا والمجر وإيطاليا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا.
وتخضع رومانيا لهذا الإجراء منذ عام 2020.
وحذرت المفوضية من أن النمسا، التي يتوقع أن تصل نسبة العجز لديها 6ر3% العام الجاري، قد تنضم إليها.
ويتعين على هذه الدول اتخاذ تدابير تصحيحية كي تمتثل من خلالها لقواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالموازنة مستقبلا، أو مواجهة غرامات.
ولم تلجأ المفوضية الأوروبية، حتى الآن، إلى فرض عقوبات مالية حيث يعد الأمر لغما سياسيا، ولكن الوضع قد يتغير.
ماذا وراء تعديل القواعد المالية للاتحاد الأوروبي؟
تمثل القواعد المالية المعدلة تكيفا مع "ميثاق الاستقرار والنمو" للاتحاد الأوروبي، والذي قاد الدول الأعضاء خلال أزمة منطقة اليورو والسنوات التي تلت ذلك بنجاح متفاوت.
وتم تعليق العمل بالميثاق بين عامي 2020 و2023 لتجنب انهيار الاقتصاد الأوروبي في أعقاب جائحة كوفيد-19 واندلاع حرب أوكرانيا.
وأُعيد تفعيل الميثاق بداية عام 2024، مع إعادة صياغته ليصبح أكثر مرونة وواقعية.
وجرى تصميم مسارات الموازنة وفقا لكل دولة عضو وتم إدخال هوامش للمناورة من أجل السماح بالاستثمار.
وهذه المسارات موزعة على أربع سنوات، ويمكن تمديدها إلى سبع سنوات كي يصبح التعديل أقل فجائية، مقابل تعهدات بالإصلاح.
وطلبت خمس دول، فرنسا وفنلندا ورومانيا وإسبانيا وإيطاليا ورومانيا وإسبانيا، التمديد بالفعل، ونالته.
ويتعين أن تفي الخطة المتعددة السنوات بمتطلبات الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بصافي الإنفاق، وبالعجز الحكومي العام والديون الحكومية.
وجرى تخفيض العقوبات المالية التي تفرض حال عدم الامتثال للميثاق، والتي كانت في السابق غير قابلة للتنفيذ لأنها كانت شديدة للغاية، وذلك لتسهيل تطبيقها.
وبمجرد اعتماد الخطة المالية متوسطة الأجل لدولة ما، بشكل جماعي من دول الاتحاد الأوروبي، يصبح مسار الإنفاق أمرا ملزما خلال الفترة التي تحددها الوثيقة.
وسوف تقوم المفوضية الأوروبية بتقييم عملية التنفيذ بشكل منتظم.