صفوت عمران يكتب: ماذا لو عادت العلاقات «المصرية - الايرانية» .. هل يزور السيسي طهران ونجد بزشكيان في القاهرة؟!
في عالم شديد التعقيد ومصالح شديدة التشابك باتت التحالفات تتغير كل يوم.. شاهدنا خلال الأيام الماضية تقارب مصري إيراني واضح، بداية من زيارة وزير الخارجية عباس عراقجي للقاهرة، ثم لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نظيره الايراني مسعود بزشكيان على هامش قمة بريكس في قازان الروسية، وهو ما جعل تقارير دولية تتسأل حول مدى إمكانية عودة العلاقات الثنائية بين البلدين مرة أخرى؟!.. تساؤلات تشغل بال الكثير من اللاعبين إقليمياً ودولياً، حيث أن أي تقارب بين القاهرة وطهران يغير من حسابات منطقة الشرق الأوسط بالكامل.. تلك المنطقة التي تعوم فوق بحر من الديناميت القابل للانفجار دائماً.. الأمر لا يخلو من حسابات المكسب والخسارة، في ظل تطورات دولية جعلت العالم على أبواب الحرب العالمية الثالثة، ما لم ينتصر صوت العقل والحكمة، لذا ذهب خبراء للتأكيد على ما تشهده المنطقة من تداعيات مهددة للاستقرار والأمن تتطلب التعاون بين كافة القوى الإقليمية، والاستناد إلى آلية الحوار، وتسوية الخلافات، وتسكين العديد من الملفات الساخنة.
ويبقى السؤال: هل تقبل مصر سعي إيران للتحالف معها؟! ما هي فاتورة تقارب طهران مع القاهرة؟ وهل تستطيع مصر دفعها والخروج من ذلك التقارب رابحة؟! وهل تريد إيران التحالف مع مصر بمفردها أم التحالف سوف يمتد إلى شركاءها الخليجيين والعرب أيضاً؟!.. الأمر يحتاج حسابات دقيقة ودقيقة جداً في ظل الدور الإقليمي للقاهرة، والتوجه الأيديولوجي، ونمط السياسة الخارجية وأدواتها.. البعض يذهب إلى أن وجود الرئيس السيسي على رأس السلطة في مصر والذي تنوعت العلاقات الخارجية المصرية في عهده شرقاً ولم يكتف بالعلاقات التقليدية مع المحور الأمريكي- الأوروبي، التي استمرت طوال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، قد يكون دافعاً إلى عقد التحالف مع إيران، خاصة أن الرئيس السيسي لم يخف إعجابه بالسياسة الخارجية للرئيس أنور السادات ووصفه بأنه «سابقاً عصره وأنه أتخذ قرارات لم تفهم إلا بعد سنوات».. ولمن لا يعرف كان الرئيس السادات بعد انتصار أكتوبر 1973، يريد عقد تحالف مع شاه إيران محمد رضا بهلوي في مواجهة المخططات الصهيوامريكية، وتكوين تحالف إسلامي صلب، مستفيداً من العلاقات الشخصية التي تربط بين الرجلين، وهو ما دفع البعض للتأكيد أن أحد أسباب دعم الغرب الثورة الإسلامية في إيران هو إفساد التحالف بين القاهرة وطهران وتأديب شهاه إيران على تمرده.. فهل يقوم الرئيس السيسي بزيارة طهران ليُحدث نفس الزلازل السياسي الذي أحدثته زيارة الرئيس أنور السادات لمدينة القدس في 19 نوفمبر 1977؟!...
أيضاً، وجود «مسعود بزشكيان» رئيساً إيرانياً من خارج التيار المحافظ، والذي يعتبر ثالث إصلاحي يرأس إيران، ويصفه أنصاره بـ«الرئيس المعتدل» يعزز من خطوة عودة العلاقات مع مصر على مستويات التطبيع الكامل وتبادل السفراء، بعدما كشف عن رغبته في الانفتاح على جميع اللاعبين الدوليين، خاصة المحيط العربي، مستفيداً من تصريحات أعلى مستوى «سياسي/ ديني» في طهران؛ المرشد الأعلى علي خامنئي في مايو 2023 بأن بلاده «ليس لديها أي مشكلة في عودة العلاقات بشكل كامل مع القاهرة في إطار توسع سياسات حُسن الجوار»، ويرى مراقبون أن طهران انفتحت بقوة لعودة العلاقات مع مصر بعد رفض القاهرة في 2019 الانضمام لتحالف أمني تدعمه أمريكا الهدف من إنشائه مواجهة إيران، والمعروف إعلاميا باسم «الناتو العربي».. فهل نرى الرئيس الإيراني في القاهرة قريباً؟!.
وتؤكد تقارير سياسية أنه خلال السنوات الأخيرة فتحت طهران مسارا للتقارب مع القاهرة عبر سلطنة عُمان والعراق، وكلاهما تبنى محاولات دبلوماسية متعددة لتقريب وجهات نظر الطرفين تجاه القضايا الخلافية، إلا أن مصر قابلت تلك المحاولات بهدوء شديد من أجل رسم الخطوط الرئيسية لطبيعة العلاقات التي ترغب مصر في أن تلتزم بها إيران، وتوضيح التحفظات المصرية العديدة تجاه تفاعلات إيران في المنطقة، لاسيما تدخلاتها في شئون عدد من الدول العربية ذات الأهمية للأمن الإقليمي المصري..
ورغم مخاوف البعض من أوجه الشبه بين الثورة الإسلامية في إيران بقيادة المرشد الأعلى، والشكل التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين التي يقودها مرشد عام أيضاً، حيث يستخدم كل منهم مبدأ التقية والبراجماتية السياسية، ويسيطر التنظيم الديني على القرارات المختلفة، إلا أن النظام الإيراني أكثر خبرة سياسية وقدرة على عقد التحالفات التي يربح فيها جميع الأطراف، ومن مصلحته التعاون مع مصر على عدة أصعدة.. خاصة أنك هنا…