محمود سامح همام: أفريقيا في رهن ولاية جديدة لترامب
في غضون ثلاثة أشهر، سيصبح الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الرئيس السابع والأربعين في حفل تنصيبه في مبنى الكابيتول الأمريكي، وهذا هو نفس المكان الذي اقتحمه أنصاره ونهبوه بهدف منع التصديق على انتخاب جو بايدن في 6 يناير 2021، بالرغم من محاولات الاغتيال والإدانات الجنائية وتغيير الخصم السياسي من منع الجمهوري دونالد ترامب من الفوز في الانتخابات الأمريكية عام 2024، حقق ترامب فوزًا حاسمًا صباح الأربعاء بتاريخ 5 نوفمبر بعد فوزه في العديد من الولايات المتأرجحة الحاسمة، وعلى غرار ما سبق، يمكننا طرح بعض من التساؤلات بشأن مستقبل القارة السمراء في رهن ولاية ترامب الجديدة.
بداية، وبتناول الحديث حول ما قد يعنيه فوز ترامب بولاية ثانية بالنسبة لأفريقيا، تلك القارة التي لم يزرها الرئيس المنتخب قط وأساء إليها علناً، استكمالًا، وبتسليط الضوء على ملف التجارة والاستثمار مستقبلًا بين الجانبين الأفريقي والأمريكي، حيث تحظى الولايات المتحدة بالثناء لاستثمارها في ممر لوبيتو، وهو خط سكة حديد سيتم استخدامه لنقل المواد الخام الحيوية، بالإضافة استثمار الولايات المتحدة بأكثر من 22 مليار دولار منذ وصول بايدن إلى السلطة، لكن هناك مخاوف من أن ترامب قد يتراجع عن هذه الاستثمارات والتجارة، فالرئيس القادم لديه نظرة أكثر حمائية وانعزالية من بايدن، وكان أحد الشعارات التي رفعها في ولايته الأولى "أمريكا أولاً".، وعلى أثر تعهد ترامب بتطبيق تعريفة جمركية عالمية بنسبة 10% على جميع السلع المصنعة في الخارج، وهذا من شأنه أن يجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة، وبالتالي من المرجح أن يبيع المصدرون الأفارقة كميات أقل من منتجاتهم في السوق الأميركية الكبيرة، وهو ما يمثل مصدر قلق رئيسي لقانون النمو والفرصة في أفريقيا (أغوا)، الذي مكّن الدول الأفريقية المؤهلة من تصدير بعض منتجاتها إلى الولايات المتحدة دون دفع ضرائب منذ عام 2000.
وعلى صعيد أخر، وفقا للتقارير قدمت إدارة ترامب الأخيرة مرارا وتكرارا مقترحات لخفض المساعدات الخارجية في جميع أنحاء العالم، وحظي هذا القرار بدعم الحزبين بتنفيذ هذ التخفيضات، وتحصل أفريقيا على معظم مساعداتها من الولايات المتحدة، وصرحت واشنطن مؤخرًا إنها تبرعت بنحو 3.7 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، ويمكننا القول إنه لو تم تنفيذ هذه التخفيضات، فإن السياسات الأميركية التقليدية فيما يتصل بالصحة، وتعزيز الديمقراطية، والمساعدات الأمنية في أفريقيا كانت ستتعرض للإبادة.
علاوة على ما ذُكر، ظهرت آراء ترامب بشأن الهجرة غير الشرعية واضحة خلال حملته الانتخابية لعام 2024، حيث وعد بترحيل مليون شخص ليس لديهم إذن قانوني للتواجد في الولايات المتحدة، وهو ما يعود بالضرر على إفريقيا، فوفقًا لبيانات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية لعام 2022، كما تم تسجيل نحو 13 ألف مهاجر أفريقي على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وعلى أثر ذلك يشعر المهاجرين من الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، والذين يبلغ عددهم نحو 160 ألف شخص بالقلق من أنهم سيواجهون التمييز مع تولي ترامب الرئاسة.
في الختام، يبدو أن أفريقيا قد تواجه تحديات جديدة في ظل ولاية ثانية محتملة لدونالد ترامب. مع استمرار السياسات التي تركز على المصالح الأمريكية أولاً، قد تجد القارة نفسها أمام توازن دقيق بين الحفاظ على استقلالها التنموي وبين التعامل مع ضغوط دولية جديدة. بينما تبقى بعض الدول الأفريقية مستعدة لاستغلال الفرص الاقتصادية المتاحة من خلال علاقات تجارية أقوى، قد يؤدي غياب الاهتمام الحقيقي بالقضايا التنموية والإنسانية إلى تفاقم الأزمات القائمة. في نهاية المطاف، تعتمد قدرة أفريقيا على التكيف مع هذا السيناريو على مدى نجاحها في تعزيز التعاون الإقليمي وإعادة تعريف شراكاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية.