فريد عبد الوارث يكتب: مهرجانات العري تهزم حصون الشرق
قيل للقائد التاريخي لفرنسا الاستعمارية نابليون بونابرت: أي حصون الشرق الإسلامي أمنع على فرنسا فقال الأمهات الصالحات، و منذ تلك اللحظة بدأت الدول الطامعة في ثروات العرب _من اللبن و العسل وصولاً للبترول و الغاز _ رحلتهم في تدمير أقوى الحصون و هي الأمهات، فهن نصف المجتمع و يربين النصف الآخر، و من تربى في كنف أم صالحة لا تهزمه التحديات مهما عظمت و لا يفرط في ثوابته و أولها أرضه و عرضه.
فهدم شخصية المرأة كان -و ما زال- هو ما تدور عليه خططهم التكتيكية لهدم المجتمعات الإسلامية و العربية من الداخل، لخلق جيل لا يعرف للوطن قيمة و لا للأرض حرمه تمهيداً للإحتلال الفكري قبل العسكري لدول المشرق العربي.
و إذا تجاوزنا الحقبة الزمنية التي أعقبت فترة الاحتلال البريطاني و الفرنسي لوطننا العربي وتقسيمه لدويلات و عرقيات متناحرة، و نظرنا لحالنا اليوم لوجدنا أنهم قد نجحوا بنسبة كبيرة في تحقيق مآربهم و خططهم! و ليس أدل على ذلك مما يسمى مهرجانات السينما التي باتت تنعقد على مدار شهور العام مع اختلاف الأماكن، فمن تونس مروراً بالجونة وصولاً للرياض و.. و..، لم يعد هناك وقت لراقصات العصر أو فناناته سوى لتجهيز فساتين الحفلات العارية التي تفضح أكثر مما تستر ناهيك عن عمليات التجميل و النفخ و النحت، للظهور على الرد كاربت و هن كاسيات عاريات!!
و إذا أمنا أن كثرة الأسواق لا تعني وفرة البضائع و جودتها، فكذلك المهرجانات الفنية التي تنتشر في العالم العربي و تتكاثر، فهي ليست مؤشراً إيجابياً على جودة الأعمال بأي حال من الأحوال، و الأمر مجرد جعجعة تطحن المكرر و تسوّق الرديء و تنشغل بغايات أخرى عكس ما تقوله و تدعيه شعاراتها، حيث إيصال الرسالة و تغيير الطباع و تأصيل العري على أنه تمدين و تحضر بعيداً تماماً عن العيب و الحرام و الدين!
و إذا تأملنا مختلف العصور و الحضارات و الحقب الزمنية، سنجد أن جسد المرأة لم يهان و يعرض كسلعة سوى في عصور الانحلال و اختفاء الأديان، و كان ذلك لفئة العبيد و الرق فقط و ليس للأحرار.
تطل علينا إحداهن بفستانها العاري، سواء ببطانه أو بدونها، فتجري خلفها الكاميرات و المصورين، و تنتشر ملايين الفيديوهات و تعمل برامج التوك شو على معرفة الإطلالة الأجرأ، و تحديد ثمن الفستان، و معرفة صانعه، و البحث عن اسم الكوافير الذي ظلت عنده تلك الفنانة لساعات و ساعات حتى تتحفنا بإطلالتها و تبرز مفاتنها كسلعة رخيصة تتجمل لمن يشتريها!!
أوقفوا مهرجانات العري و أعيدوا للمرأة مكانتها و حرمتها، أو انتظروا مجتمعاً مهلهلاً كما أرادوه و خططوا له، ثم استعدوا لمرحلة الانحلال الكامل و الاحتلال الشامل للعقول و الأوطان، فقد بلغ الأمر مداه و أصبحنا على حافة الهاوية التي لا خروج منها أبدا.
أوقفوا مهرجانات العري أو انتظروا أوطاناً بلا حصون يحتلها ألف نابليون.