فريد عبد الوارث يكتب: كأس السوبر و كأس المرارة و الخيبة العربية
التفت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج حول الشاشات لمتابعة مباراة الأهلي و الزمالك على كأس السوبر، و ارتدى الشباب و الكبار أزيائهم بألوان فريقهم الذي يشجعونه رافعين أعلامه مبتهليين لله أن يفوز فريقهم، توقفت الحياة لحوالي 150 دقيقة هي عمر المباراة بوقتها الأصلي بالإضافة لشوطين إضافيين مع لعب ضربات الترجيح لتحديد الفائز عقب انتهاء المباراه بالتعادل، إلى أن فاز الأهلي بفارق ضربة ترجيح، عندها انفجرت براكين الاحتفال و الشماته في الفريق الخاسر! و تحولت ملايين الصفحات إلى حرب كلامية بين مشجعي الفريقين! ناهيك عن دموع آلاف الشباب المشجعين للفريق الخاسر.
و بينما نلعب نحن على كأس السوبر تلعب إسرائيل بمصائر الشعوب و تقتل و تصيب 150 من أبناء فلسطيين و لبنان بواقع قتيل أو مصاب كل دقيقة! تعربد إسرائيل في أرضنا التي كانت عربية و تدمر البيوت على رؤوس ساكنيها و تتجهز للإنقضاض على ما تبقى من حدود عربية تمهيداً لخريطة إسرائيل الكبرى، نهلل نحن مع كل هجمة ضائعة و نلعن اللاعب الذي أضاع الفرصة، بينما يصرخ الأبرياء تحت نيران الصهاينة و تستغل إسرائيل كل فرصة سانحة لقتل العرب و تهجيرهم و احتلال أرضهم محرزة الهدف تلو الهدف في مرمى العرب الخالي من الحراس و تفوز بكأس النصر الحقيقي و نحن نحتفل بكأس السوبر الخشبي الوهمي!!
ليس ذلك فحسب، بل إن الغارات الجوية دكت ربوع وطننا العربي و ألقت عليه آلاف الأطنان من القنابل من كل القوى العالمية في نفس وقت المباراة فها هي روسيا تنفذ غارات جوية على جبل الزاوية بريف إدلب في سوريا، بالإضافة لضربات أمريكية شرق دير الزور في سوريا و نهب الغاز و النفط شرق الفرات، و غارات للتحالف الأمريكي البريطاني علي ميناء الحديدة في اليمن، و غارات علي حي المزة في دمشق و تدمير جسر العاصي في حمص و على حدود سوريا مع لبنان.
نحتفل نحن بكأس الوهم و هم يقومون بتدمير ممنهج لغزة و لبنان و سوريا و العراق و اليمن وحرمان أهلهم من أبسط مقومات الحياة و تجويعهم عن عمد و الشماتة فيهم!!
نحتفل نحن بضربات الترجيح و هم يحتفلون بضرب الأمن القومي العربي و انتهاكه يومياً مع الشعوب المنبطحة التي لا تجيد سوي التهليل لكرة القدم!!
فهل تعلموا أن انجلترا و فرنسا قد حظرا كرة القدم خلال مائة عام من الحروب بينهما و اعتبارها جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لأنها تُلهي الشعب و تفقده تركيزه و إنضباطه في حالة الحرب فالشعوب التي تريد أن تتقدم لايجب أن تسمح بكرة القدم _ ( هكذا قالوا ) و قام عمدة لندن بحظر كرة القدم في المدينة لأنها تسببت في "الفوضى".
لا تعطو اللعبة حجماً أكبر من حجمها هي و الله مجرد كرة تحت الحذاء و هي ليست رياضة لك ، أنت لست أكثر من متابع أو مشاهد أو مشجع أو متعصب أو غاضب أو مسرور أو فخور أو متشدد أو محلل أو ناقد يضيع جزء من عمره في اللعب وما وراء اللعب من سيل من الأخبار التافهة بينما تلعب الدول الغربية و الصهيونية العالمية ببلادك و تقتل شعوبك!!!
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم