18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب : الشقيقان والارض (جزء ثانٍ)

10:40am 14/10/24
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان

وقف عبد الدايم الشقيق الأكبر أمام الأرض جائلًا ببصره بين مساحتها الممتدة، وكيف ورثها بضعة قراريط إلى أن صارت مجموعة كبيرة من الأفدنة يُضرب بها المثل، أحس برعشة خفيفة تسري بين ثنايا جسده وكأن مكالمة شقيقه الأصغر عن بيعها هزت وجدانه، أو كسرت تماسكه بالداخل، فقد خلقت صراعًا داخليًا جعلته شاردًا مهمومًا، فقد استرجع عبر شريط مصور برأسه، كل الذكريات مع شراء كل قطعة منها، وكيف كان يدخر المال حتى يحصل عليها.
أخذت الأفكار تتوارد برأسه، فقد حاول أن يجد من قوته وصلابته القرار الصحيح الذي لا يكون بمثابة الصفحة الأخيرة بينهما، فقد كان يمثل له الحلم بداخله وهي تمثل العشق الكامن في أعماقه، بل كل شبر منها كان يمثل له ضحكات الرضيع وبكائه وأنفاسه ورائحته منذ طفولته، وفي دوي ذلك الصراع، قفز إلى رأسه ذلك المشهد الذي لا يبرح مخيلته أبدا حينما امتدت يد والده لتعانق يده في لحظاته الأخيرة، وتعاهده ألا يفرط في أخيه أبدًا مهما طاش به فكره أو جن جنونه بالاغتراب.
 جلس فى غرفة الصالة يتجول بعينيه وسط أركانها وألوانها الباهتة والصور المرصوصة على الحوائط، وتلك الساعة القديمة ذات البندول الطويل والذى كانت دقاته بمثابة مطرقة الهون في رأسه من شدة الصراع الداخلي الذي يعانيه، فليس بمقدوره فرض النسيان عما قدمه لشقيقه منذ كان يحبو حتى أتم تعليمه، حاولت زوجته التي يصفها كثيرًا بالمزعجة أن تتحدث إليه، ولكنه كان غائبًا عن الوعي تمامًا، فلم يستمع إلى كلماتها حتى وقفت أمام وجهه ونادت عليه بصوت عالٍ مستفسرة عما أصابه ليصل إلى هذه الحالة من التيه، ولكنه لم يُجب، استدرجته متسائلة عما إذا كانت بينه وبين شقيقه مشكلة، فأزاح رأسه بعيدًا عنها.
  أغمض عينيه وخفض حدة الأنوار وحاول أن يتمدد قليلًا همس إلى نفسه قائلًا هذه هي الحياة نعيشها لنطرق أبواب أقدارنا المكتوبة على جدرانها، والتي نسير إليها ولا نعرف ما بداخلها أو نقرأها إلا في لحظتها، حاول أن يهرب من تلك الوساوس ومن دوي الكلمات القاتلة المرتشقة بأعماقه كالسهام المسمومة، والتي تريده أن يفعلها معركة، فقد حاولت أن تحرك بداخله كم من الليالي بات يحرث، وكم من الأيام تحمل بردها ليزرع، لكنه أفاق من غفوته على الضوء الذي أنار بداخله مع نسمات الفجر وصوت القارئ بالجامع الكبير ليزيح من على صدره ذلك الكابوس الجاثم على أنفاسه، ليقول لنفسه لا شيء يبقى أبديًا مهما طال، فالعمر يمضي لكن الشقيق لا يمكن أن يعوض بألف أرض وأرض، لقد تيقن أن ما وصل إليه هو القرار الصحيح..
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn