فريد عبد الوارث يكتب: "حسن زعبولا" و العلو الصهيوني
يعتصر قلوبنا الألم و تتجدد الأحزان مع كل نصر إسرائيلي على أي مقاومة، و نحن نرى تغيير الجغرافيا و محو حدود الدول التي كانت عربية، بالتزامن مع حالة من الهوان العربي غير مسبوقة حيث باتت أمتنا مفعولاً بها بإمتياز و ما عادت تعرف عن الفعل و لا المقاومة أي شئ.
انهار حزب حسن زعبولا أو نصر الله كما ينادونه في ساعات قليلة و تم القضاء على كافة قيادات الصف الأول و الثاني _هناك انباء عن مقتل نصر شخصياً _و تم تدمير جميع القدرات العسكرية للحزب و كافة المقرات، مع هروب جماعي للشيعة إلى مناطق السنه و إخلاء الضاحية تماماً من أهلها في مأساة تدعوا للرثاء و البكاء و قراءة الواقع الأليم.
و ذلك هو المتوقع فقد أصبح كذب زعبولا و رفاقه في السياسة عملاً مباحاً و حلالاً، يفرضه الساسة على أنفسهم و على غيرهم في أغلب الأحيان، وهذا ما يتنافى مع كل القيم الأخلاقية للإنسان عموماً و للمسلمين خاصة.
لكن الشيعة في إيران و أذنابهم في كل دول العالم، يعتبرون الكذب عقيدة دينية تأتي تحت عنوان "التقية" التي "من لا تقية له لا دين له". لذلك فإن أكاذيب إيران و أتباعها لا تحصى ولا تعد، وإن كانت تمثل ثلاثة أعشار دينهم اما في واقعهم فتمثل كل حياتهم!!
أكاذيب نصر الله كثيرة جداً، و لا يزال يكذب على اللبنانيين و الشعوب العربية و الإسلامية التي انخدعت ببطولاته الكرتونية و وطنيته المزيفة، و شعاراته البراقة التي يتغنى به حزبه الفارسي الإيراني في قلب العاصمة العربية بيروت؛!! و لقد بحثت كثيراً في تاريخ زعبولا فوجدت أنه يتنفّس الكذب أكثر من الهواء، و يكذب على الناس أكثر مما يشرب الماء.
الصهيونية بين التكامل و التآكل
إن من يقرأ تاريخ الأمم و الحضارات و ينظر كيف بدأت و أين انتهت سيعرف ما يسمى بظاهرة "التكامل و التآكل" فهي من الظواهر المعروفة في حركة التاريخ فلا يمكن لأي دولة أو قوة استعمارية الاستمرار في الصعود إلى ما لا نهاية، و يستحيل البقاء في القمة أبدا و تلك من سنن الله – سبحانه- في الحضارات و الدول، ولعل انتشار الظلم و الفساد و الطغيان مما يعجل بسقوطها و كل ذلك اجتمع في المشروع الصهيوني و قد ظهر جلياً في الحرب على غزة، و يتأكد حالياً بتدمير لبنان، و إليكم عوامل التكامل و التآكل في المجتمع الصهيوني حتى و إن بدا للبعض عكس ذلك.
فقد وصل الكيان الصهيوني إلى أقصى درجات العلو بعد ما يقارب الثمانين عاماً على تأسيسه و بدأت عوامل الضعف تَقوَى على عوامل الصعود، و وصل إلى ما يسمى النقطة الحرجة التي تتعادل فيها عواملُ الشد إلى أسفل مع عوامل الاندفاع إلى أعلى، و بدأ المؤشر يؤذن بالهبوط.....
عوامل التكامل
أولاً نجحت إسرائيل في تجميع نحو 45% من يهود العالم، و بلغ عدد اليهود في فلسطين 2022 نحو أكثر من سبعة ملايين يهودي، و نجحت آلة الإعلام الصهيونية في تثبيت إسرائيل كدولة فوق القانون، عبر نفوذ عالمي هائل و لوبيات مؤثرة في صناعة القرار في الدول العظمى و ضرب عرض الحائط بأكثر من 900 قرار من الأمم المتحدة صدرت ضده، معتمداً على حق النقض الفيتو الأمريكي ضد أي إجراء يهدده.
ثانياً.. استطاعت إسرائيل تحقيق اختراق كبير و فرض أمر واقع جديد على أساس التكرم على العرب بالسلام مقابل السلام بعد أن كان الأرض مقابل السلام!! بل وصل لمرحلة مخاطبة الدول الرسمية العربية ودّه، ومحاربة المقاومة، كما تحارب التوجهات الإصلاحية و الاتجاهات الإسلامية و انظروا لدولة الإمارات كمثال ..
ثالثاً... برزت إسرائيل عسكرياً و تربعت على المنطقة العربية بأكثر من 200 قنبلة نووية وبأسلحة الدمار الشامل، سعياً لفرض الأجندة الإسرائيلية الأميركية عليها...
عوامل التآكل
برغم كل ما سبق برزت عوامل مؤكدة لتآكل الدولة اليهودية و قرب زوالها كما يلي:
أولا... ما زال أهل فلسطيين متمسكين بأرضهم و في زيادة سكانية مستمرة حيث تجاوزت أعداد أصحاب الأرض أعداد اليهود في فلسطين المحتلة بنحو 40 ألفًا، حيث بلغت أعداد أبنا فلسطيين سبعة ملايين و 130 ألف نسمه و بحسب البيانات الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني من المتوقع أن يتجاوز عدد الفلسطينيين عدد اليهود بنحو 450 ألف نسمة في سنة 2030 .
ثانياً.... البيئة المحيطة بالكيان، تعيش حالة من اللا استقرار و إعادة التشكل، تُنذر بموجة أقوى و أشد عنفًا و أقدر على المواجهة من تلك التي حدثت خلال ثورات الخراب العربي الأخيرة.
ثالثاً... تزداد المشاكل الداخلية في إسرائيل حيث التفكك و الصراعات المرتبطة بالخلفيات العرقية و القومية، والتيارات الدينية و القومية المتباينة.
رابعاً.... تنتشر مظاهر العولمة و المثلية الجنسية، و التهرب من التجنيد، و تراجع قدرات الجنود الإسرائيليين على خوض الحرب أو التمسك بالأرض.
خامساً... افتقدت إسرائيل القيادات التاريخية و الزعامات البارزة كما كانت في بداية تكوين الدولة، و أصبح قادة اليوم مثليين و ضعفاء و لا يتمتعون بالتأييد الازم للحروب و الدمار.
سادساً... تتحول إسرائيل تدريجيًا إلى عبء على الأمريكان و الدول الأوروبية المشغولة بحربها مع روسيا، فضلاً عن تكشف وحشية الآلة العسكرية الصهيونية للعالم أجمع.
و الخلاصة....
رحلة تهجير جديدة لشعب لبنان و تدمير كامل للدولة بالتوازي مع هروب حسن زعبولا و القضاء على حزبه و انكشاف ضعفه و كذبه مع تخلي إيراني كامل عن حزب الله يقابله تغول إسرائيلي لفرض خريطة جديدة و قضم بلد عربي جديد مع حالة من الضعف و الهوان العربي الذي أصبح جثة عفنه تأكلها كلاب العالم و تتوزع أراضيها بين الصهاينة و الفرس على مرأى و مسمع دول و ممالك العنكبوت انتظاراً لدورهم في التفكيك و التدمير!!!