فريد عبد الوارث يكتب: إدارة الصراع بين فرض النفوذ والحفاظ على الوجود
اتسعت دائرة الصراع المحيطة بمصر و اشتملت على حروب قائمة و أخرى محتملة و زادت المخاطر و تم تضييق الخناق حول حدود الدولة من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، و برغم التجنب المصري الواضح للتورط في أي حروب خارج الحدود الوطنية طوال السنوات الأخيرة، رأينا القوات المسلحة و هي تتحرك ناحية القرن الإفريقي و تحديداً في الصومال على الحدود الأثيوبية المباشرة، من هنا سنحاول مناقشة الأسباب و التداعيات بعقلانية بعيداً عن السطحية السائدة و الفهم القاصر للأمور.....
أولاً.. علينا معرفة أن القوى الاستعمارية القديمة و ذيولها مثل الصهيونية تعمل على إشعال المنطقة من ساحل البحر الأحمر حتى حدود الصين بالحروب و الأزمات بالإضافة إلى إشعال أوروبا بحرب كبرى مع روسيا، و إغراق القرن الأفريقي و جنوب الصحراء في دوامة الحروب بين الدول و القبائل و العرقيات المختلفة، مع ما لذلك من تأثير مباشر على الأمن القومي و المائي لمصر.
ثانياً.. تهدف تلك الحروب المصطنعة لإعادة تشكيل الجغرافيا العالمية و إعادة توزيع الثروات عبر التخلص من ملايين البشر و تنفيذ المخطط الشيطاني الماسوني المعروف بإسم المليار الذهبي.
ثالثاً.. يتم ذلك عبر حروب متعددة في أماكن متفرقة تستخدم التقنيات الحديثة و المبررات المقنعة للشعوب المغيبة دون الوصول لحرب عالمية شاملة عبر استنزاف الدول و تفكيك جيوشها الوطنية على مراحل مع تمهيد الأرض للجماعات المسلحة و دعمها بالأسلحة و الإمكانيات التي تقوض الدول الوطنية.
رابعاً.. اشتعلت الحدود الشمالية الشرقية لمصر بحرب غزة و لبنان و كان لزاماً على مصر تأمين تلك الحدود بقوات و أسلحة ثقيلة و نوعية، و هو ما تم و ها هي القوات المسلحة بكامل تشكيلاتها تفرض سيطرتها على خط الحدود الدولي مع فلسطين وفك قيود كامب ديفيد تماماً ( انظروا لزيارة رئيس الأركان لمعبر رفح ).
خامساً.. عند وصول التهديدات لمستوى معين للأمن القومي للدول يصبح التحرك خارج الحدود و كسر الطوق المفروض أمراً حتمياً و استباقاً لخطوات الأعداء، و هو ما فعلته مصر بخطوتها الأخيرة في الصومال، مع ما يستلزم ذلك من تأمين و أسلحة نوعية و مخاطر لوجستية، ناهيك عن اللعب بحرفية شديدة على التوازنات الدولية و عدم الصدام المباشر مع مصالح الدول العظمى، مع الحفاظ على المصالح المصرية و مواجهة مخططات خنق مصر مائياً عبر إنشاء سدود جديدة، و منع إثيوبيا من امتلاك ميناء عسكري على البحر الأحمر لما في ذلك من مخاطر مستقبلية كبيرة على مصر.
و الخلاصة... غيرت مصر قواعد اللعبة و تحركت خارج حدودها و فرضت سيطرتها ليس لفرض النفوذ فقط و لكن للحفاظ على الوجود، فلم نعد نملك رفاهية الانتظار أو البقاء في مقاعد المتفرجيين بينما يتم تنفيذ مخططات الأعداء، و نحن الدولة الوحيدة عربياً و أفريقياً التي تمتلك أدوات القوة الشاملة للحرب في أي مكان، وذلك نتيجة جهود سنوات من تحديث و تطوير القوات المسلحة استعداداً لتلك اللحظة، مما يثبت بغد نظر القيادة السياسية و معلوماتها المؤكدة بما يجري إعداده لمصر.
و أخيراً وليس آخرا...
يبقى تمدد مصر و قوتها العسكرية و سيطرتها على محيطها أحد التابوهات التي كسرتها مصر موجهة رسالة للقريب قبل البعيد أنها لن تفرط في أمنها القومي و أنها مستعدة لكل الاحتمالات، برغم عدم الرضى العربي و الدولي عن تلك الخطوة، لكنها مصر التي تغير قواعد التاريخ و الجغرافيا منذ بدء التاريخ و حتى اليوم.
كونوا على مستوى الحدث و التفوا حول الراية المصرية و ادعموا أبنائكم في القوات المسلحة بكل قوة، تحيا مصر لتحيا الأمة... تحيا مصر لتزول الغمه.... و السلام