منى صدقى تكتب : مبادرة "بداية" عقد اجتماعى جديد
الحقيقة المؤكدة أنه رغم كل ما نعانيه من تحديات وأوضاع اقتصادية صعبة ، إلا أنه منذ تولى الرئيس السيسي مسؤولية الحكم ركز اهتمامه على عدد من المبادرات التى تعمل على بناء الإنسان صحيًا وعلميًا وثقافيًا وذلك لتحسين البنية التحتية التى كانت منهارة على مدار أكثر من ثلاثين عاما ، فالمبادرات هى العلاج الأسرع للمشاكل المتراكمة بالقطاعات على مدار أعوام وهى تأتى بالنتائج الأفضل خلال مدة زمنية صغيرة .
وهذا ما تم عمله من خلال مبادرة " بداية جديدة لبناء الإنسان " تلك المبادرة الرئاسية التى انطلقت قبل عدة أيام ودشنها رئيسُ الوزراء ونائبُه للتنمية البشرية وتحدث خلالها الدكتور مصطفى مدبولى فى احتفالية التدشين عن إشاراتٍ مُهمَّةً لفلسفة المبادرة ومُستهدفاتها، وما يتَّصل منها مع بقيَّة المُبادرات النوعيّة الشبيهة وعرض الخطوطَ العريضة، وأنها ستكون منصَّةً جامعةً لجهود 30 جهةً رسميّة ، وتُركِّزُ على المزايا والخدمات ، وكان أهم ما تم ذكره في كلمة رئيس مجلس الوزراء هو التأكيد على أن هذه المبادرة هى عقدٍ اجتماعىٍّ جديد وهو ما أكده وزيرُ الصحّة ونائب رئيس مجلس الوزراء من خلال تناول الاستراتيجية ومسارات العمل، والبرامج الفرعية، والاهتمام بالشخصية الوطنية مع التنويه على إجراءٍ متابعة ومراقبة عامة على أعمال المبادرة ورفع تقارير دورية لرئيس الجمهورية بالخطوات ومُعدَّلات التنفيذ .
ولفت نظرى بشدة وجهة نظر بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن مبادرة " بداية " حيث قال إنها حقًا بداية جديدة لبناء الإنسان المصري في كافة المجالات، وهي مبادرة يستحقها المجتمع المصري وأيضاً تعقيب فضيلة الأمام أحمد الطيب شيخ الأزهر الذى أشاد بالمبادرة وأعلن مشاركة الأزهر بها من خلال قطاعاته المختلفة وإداراته المنتشرة على مستوى الجمهورية، انطلاقًا من دوره الوطني في النهوض بالإطار الأخلاقي للمجتمع خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يتعرض فيها أبناؤنا وشبابنا لغزو ثقافي مسموم وغير مسبوق يستهدف القضاء على هويتهم
ومن وجهة نظرى فإن مبادرة " بداية جديدة لبناء الإنسان " تتشابه إلى حد كبير مع المبادرة الكبيرة " حياة كريمة " من حيث الشكل ولكنها تختلف اختلافاً كليا من حيث المضمون فحياة كريمة تركز على المكان والبنية التحتية والبيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد بوصفها مدخلاً لتغيير واقع السكان بينما مبادرة " بداية جديدة لبناء الإنسان " تتَّخذُ من الفرد موضوعًا للتنمية، ومُقدِّمةً لتحسين البيئة ذاتها وهذا لابد دائما أن يكون واضحاً للجميع بحيث تعمل المُبادرتان معًا بشكل تكاملىٍّ ، فمبادرة «حياة كريمة» لها طابعٌ محدودٌ فى المساحة والزمن بينما تُمثِّلُ «بداية» مشروعًا وطنيًّا مُمتدًّا، لا يُنتَظَرُ أن ينتهى فى فكرته وآثاره حتى تتحول التجربة إلى عقيدةٍ داخل كل فرد وتحكمُ النظام المؤسسى .
فمن الجيد أن تُركِّزَ «بداية» على احتياجات السكان، وتُوجِّه جانبًا كبيرًا من طاقتها إلى الخدمات وتحسين الواقع القائم فى أحوال الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية وعليه فإن وزارات الصحة والتعليم ستلعب أدوارًا عظيمة ، لكنى أرى أن مركز المبادرة الرئيسى يبدأ من الثقافة والشباب والمالية والاستثمار والتضامن الاجتماعى، والأوقاف بدرجةٍ كبيرة ، والتحدِّى الأكبر ربما يكون ظاهرُه تمكين الفقراء والفئات الأَولى بالرعاية و لا يقلُّ عنه فى الأهميّة؛ إن لم يَزِد، أن يُعادَ تكوينُ الطبقة الوسطى وإنعاشها .
ختاماً فإن ما حملته المُبادرةُ الرئاسيَّةُ «بداية جديدة لبناء الإنسان» مُهِمٌّ ومُطَمئِن، ومبشر بالخير أن تكون أداة للتقييم والتقويم وضبط الفاسد وتصويب المُنحَرِف ، والمجتمع بأكمله يجب أن يتحلى بدرجة كبيرة من الوعى بما عليهم من أدوارٌ والتزامات ، فمسألة حياة أفضل للفرد مصلحةٌ للبلد بكامله ، و بناءَ عقدٍ اجتماعىٍّ جديدٍ ليس أمرًا سهلاً، ولا رفاهيةً ، فما ارتفع بناءٌ إلَّا بساعد إنسانٍ أو على كتفيه، كما لا قيمةَ ولا أثرَ لبُنيانٍ قبل بناء الإنسان.