المادة المضادة وعلاقتها بنشأة الكون بقلم : أحمد أبو تليح
بداية عزيزي القارئ إذا كنت متابع جيد لي فستفهم ما سأقوله الأن ، وإذا كنت من المتابعين الجديد . فسأطلب منك الآتي : تخلص من كل ما في جعبتك من علوم وفيزياء كلاسيكية فأنت الأن في حضرة فيزياء الكم التي جننت مكتشفيها . من أول آينشتاين مرورا بالعالم (نيلز بور) حتى وقتنا هذا . ودون أن أطيل عليك .
فما هو تعريف المادة المضادة ؟
وكيف تم اكتشافها ؟
وما مدى الاستفادة منها ؟
نعم كل هذا و أكثر سوف نعرفه سويا ، وبالتفصيل في هذا المقال من سلسلة مقالات ميكانيكا الكم (quantum mechanics)
من المعروف لدينا أن الكون جميعا بما فيه من مجرات وما تحويه المجرات من نجوم وكواكب ومخلوقات مكونة أساسا من المادة . والمادة مكونة من ذرات والذرات مكونة من جسيمات دون الذرية ثم كواركات وتلك الأخيرة عبارة عن ترددات موجية ؛ بمعني أن المادة أصلها من موجات أو ترددات تشكل المادة الملموسة فيما يعرف بنظرية الاوتار الفائقة Superstring Theory) )
. ونحن سنركز الأن على مكونات الذرة وسوف نأخذ أصغر نموذج للذرة كمثال وهي ذرة الهيدروجين التي تتكون من بروتون وحيد في النواة يدور حولها إليكترون وحيد أيضا . ومن المتعارف عليه علميا أن شحنة البروتون موجبة وشحنة الإلكترون سالبة ،وهذا ما يجعلهم متجاذبين فيما بينهم بقوى ذرية . وإلى هنا كانت الأمور تسير بشكل كلاسيكي حتى جاءت سنة 1928م وتنبأ الفيزيائي البريطاني بول ديراك ( Paul Dirac ) بنظرية وجود مادة مضادة في الشحنة بمعني وجود ذرة هيدروجين ولكن منعكسة الشحنات حيث يوجد الإلكترون بشحنة موجبة ويسمي بوزيترون ويوجد داخل النواة بروتون بشحنة سالبة ويسمي أنتي بروتون
ولم يقتنع العالم بهذا الهراء حتى تمكن العالم ( كارل أندرسون ) ( Carl Anderson ) في عام 1932م من التقاط صورة للمادة المضادة حيث وجد البوزيترون يدور في عكس اتجاه الالكترون ويحمل عكس شحنته . وكانت تلك الصورة هي أول إثبات مادي لإثبات وجود المادة المضادة ANTIMATTER))
ثم وضح لنا العالم( باول ديراك ) الحائز على جائزة نوبل من أين جاءت المادة منذ نشأة الكون قبل 13 مليار سنة ؛حيث قدم فرضيته بأن في بداية الخلق كان هناك مليار جزء و واحد من المادة ومقابل لهم مليار جزء فقط من المادة المضادة فتم تلاشي و انهيار المادة والمادة المضادة مولدة الانفجار العظيم أو ما يعرف بـ (Theory Big Bang) وتبقي الجزء الوحيد من المادة لم يجد مادة مضادة ليفنيه ومنه تكون الكون جميعا .
و بعدما تعرفنا عن المادة والمادة المضادة . هل يمكننا تصنيع المادة المضادة في المعمل ؟
أود أن أخبرك أنه هناك مفاعلات نووية ثلاثة أو فيما يعرف بمسرعات الجسيمات وأشهرهم المسرع سيرن الواقع على الحدود بين فرنسا وسويسرا حيث تمكن العالم ( مايكل دوسر )وفريق بحثه من توليد ذرة هيدروجين مضادة وتم ذلك عن طريق إبطاء البروتون إلى سرعة 14 مليون كم / ساعة ثم تم إضافة مضاد الاليكترون ( بوزيترون ) و أتحدا ليكونا أول ذرة هيدروجين مضادة ولكن تلك المادة المضادة غير مستقرة سرعان ما تتلاشي وأطول فترة تم الاحتفاظ بها هي مدة 16 ساعة فقط
وتعتبر المادة المضادة أغلى مادة في الكون حيث تكلفة إنتاج نانوجرام من المادة المضادة يكلف 50مليون دولار، والنانو يعتبر واحد من المليار من الجرام وبينما يتم إنتاج ذرة واحدة كل ساعة وكل ما تم إنتاجه من المادة المضادة في مفاعل سيرن يقدر ب 15 نانوجرام فقط وقدرت تكلفة إنتاج جرام واحد فقط من المادة المضادة حوالي مليون مليار دولار . أضف إلى ذلك أن إنتاج جرام واحد فقط من المادة المضادة يلزمه 100مليار سنة بمعني سبعة أضعاف عمر الكون . لذا نحن في انتظار تطور العلم لإيجاد طريقة أسرع و ارخص لتخليق المادة المضادة
كيف يتم الاحتفاظ بالمادة المضادة ومنعها من الانهيار؟
لك أن تعرف صديقي القاري أن المادة المضادة لابد من حفظها في وعاء مفرغ من الهواء محكم الغلق وموضوع تحت مجال كهرومغناطيسي قوى جدا لتظل معلقة داخل الوعاء الحافظ لانهال وتلامست مع جدار الوعاء أو مع الهواء ستتلاشى هي والمادة مطلقة كم هائل من الطاقة المدمرة فيما يعرف بـ Annihilation) ) أي التفاني أو التلاشي ولك ان تتخيل جرام واحد فقط من المادة المضادة كفيلة بمحو قارة كاملة من على الوجود .
وبالرغم من صعوبة توليد المادة المضادة و ارتفاع سعره بالإضافة الى صعوبة الاحتفاظ بها لك أن تتخيل أن الثقوب السوداء الموجودة في قلب مجرتنا تصدر 10ألاف مليار طن من البوزيترونات في كل ثانية .
أسمع أحدهم وما لطائل من وراء كل هذا الكلام ؟
أجيبه عندك حق فلابد من استفادة واقعية من خلف كل تلك العلوم والمليارات التى تصرف على الاكتشافات . أحب أن أطمئنك صديقي القارئ بأنه يتم تطبيق الاستفادة من المادة المضادة في تصنيع صواريخ للسفر الى الفضاء ودراسته دون استهلاك لأي نوع من الطاقة ودون تلوث للبيئة وتمدنا بسرعات أعلى بعشرات المرات من سرعات الصواريخ في الوقت الراهن وهذا عن طريق دمج المادة المضادة مع المادة الحقيقية لتولد طاقة انفجار هائلة تدفع بالصواريخ الى عنان الفضاء دون عناء يذكر . أحدهم يقولا لي وما دخلي بالفضاء . أقول له عندك كل الحق إذا فما رأيك بجهاز يشخص الاورام السرطانية بصورة ثلاثي الابعاد وتحديد حجم الورم ومدي تطوره . نعم لقد تم استخدم المادة المضادة في جهاز يشبه جهاز الاشعة المقطعية ولكن بتقنية مختلفة يسمى P.E.T
اختصارا لجملة Positron Emission Tomography))
حيث يتم استخدام الكربون 11 أو النيتروجين 13 لإطلاق البوزيترون ليعطي شعاع جاما .
ويعتبر فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (بالإنجليزية: Positron Emission Tomography)، واختصاراً اشعة PET، هو اختبار تصوير يتيح للطبيب التحقق من وجود الأمراض في الجسم ومراقبة تطورها، إذ تعتبر من التقنيات المستخدمة في الطب النووي.
تقوم تقنية اشعة PET على استخدام صبغة خاصة تحتوي على كاشف إشعاعي، يتم ابتلاع هذه المواد أو استنشاقها أو حقنها في الوريد في الذراع اعتماداً على أي جزء من الجسم سوف يتم إجراء الفحص، حيث تنتقل هذه الكواشف عبر مجرى الدم وتتجمع في الأعضاء والأنسجة، مما يساعد اخصائي الأشعة أو الطبيب على رؤية مناطق معينة بشكل أكثر وضوحاً مقارنة بالأجزاء الأخرى.
يتم الكشف عن الكواشف المشعة باستخدام الماسح الضوئي بالإصدار البوزيتروني، حيث تساعد هذه الكواشف الطبيب على معرفة مدى عمل الأعضاء والأنسجة. تتجمع هذه الكواشف في المناطق ذات النشاط الكيميائي العالي، وهو مفيد في أن بعض أنسجة الجسم وبعض الأمراض لها مستوى عالي من النشاط الكيميائي بالتالي ستظهر مناطق المرض هذه كنقاط مضيئة على الماسح الضوئي البوزيتروني.
يقيس فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني الوظيفة الفسيولوجية في الجسم من خلال النظر في تدفق الدم، والتمثيل الغذائي، والناقلات العصبية، والأدوية ذات الإشعاع الإشعاعي، حيث تقدم تحليلات كمية مما يسمح بمراقبة التغييرات النسبية بمرور الوقت مع تطور المرض أو الاستجابة لحافز محدد.