كورونا والجهاز الاداري للدولة
التعايش مع كورونا فرصة لإصلاح الجهاز الاداري للدولة ، مصر التاريخ و الحضارة و السبعة آلاف سنة ، أول دولة في التاريخ ، شعب مصر الصلب الأصيل كان و سيظل نموذج للتنظيم و التطوير و الارتقاء و عصيا على مؤامرات و أطماع الحاقدين و أهل الشر .. و كما انتصرنا فى كل معاركنا فى مواجهة الإرهاب و فى حرب البناء و التعمير .. قادرون مع قيادتنا الوطنية المخلصة أن ننتصر فى مواجهة الوباء اللعين .. و لعل الأمل الذي راود الرئيس ذات يوم في إصلاح الجهاز الإدارى للدولة ، يصادفَ هذه الأيام أجواءً مناسبة جدا لتحقيقه ، و يجد ظروفاً قوية تساعد على تحويله من رغبة لدى رأس الدولة إلى واقع حى يعيشه الناس .. كانت بدايات هذا الأمل قبل ست سنوات تقريبا ، و بالتحديد في مارس ٢٠١٤ عندما استقال المشير عبدالفتاح السيسى من منصبه وزيراً للدفاع ، و أعلن ترشيح نفسه في سباق الرئاسة .. وقتها ألقى الرئيس كلمة بوصفه مرشحا رئاسيا أعلن فيها عزمه على تحقيق شيئين اثنين : أولهما : عدم ترك الجهاز الإدارى للدولة على حالته ، ثانيهما : نقل اقتصاد البلد إلى وضع لا يعتمد فيه على المنح و القروض و المساعدات .. و من يومها بدأ العمل على المستويين ، و حقق نجاحات كبيرة لكن مجىء كورونا الذي فاجأ العالم كما فاجأنا ، قد جعل من إصلاح جهاز الدولة الإدارى بديلاً لا مفر منه تحت كل الظروف .. و قد جاءت وكالات الأنباء هذا الأسبوع بخبرين يشيران إلى هذا بكل تأكيد .. وكان الخبر الأول عندما أعلنت شركة تويتر أنها طلبت من عدد من موظفيها مواصلة العمل من منازلهم ، في مرحلة ما بعد انحسار الوباء ، وكان السبب أنها اكتشفت أن إنتاجية كل واحد فيهم لم تتأثر ببقائه في بيته ، وأن الإنتاجية كما هي قبل كورونا تماماً لم تتغير ولم تتبدل .. و كان الخبر الثانى أن الحكومة الفرنسية حين بدأت اعادة الحياة إلى طبيعتها ، اكتشفت هي الأخرى أن موظفين كثيرين في دواوينها يرفضون العودة إلى مكاتبهم ، و يطلبون أداء مهامهم من البيوت ، و يقولون إن هذا أفضل لهم و للحكومة و للعمل ذاته معا .. و الطريف أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون يميل هو نفسه إلى رأى هذه الشريحة الكبيرة من موظفى حكومته و يؤيده ، و يرى أن بقاءهم في منازلهم لا شىء فيه ما دام العمل المطلوب سوف يجرى إنجازه .. و أظن أن هذا كله يظل في صالح تحقيق أمل الرئيس القديم ، لأننا في مرحلة ما بعد كورونا لن نكون قادرين على حشد كل هده الأعداد من الموظفين في المكاتب ، و سوف تنوء مكاتبهم القديمة عن استيعابهم ، و سوف يتعارض وجودهم بأعدادهم الزائدة عن الحد ، مع مسافات التباعد التي لابد من وجودها بين كل موظف و موظف ، و بين كل مكتب و مكتب آخر .. و لو أن الحكومة فكرت في منح العدد الزائد منهم إجازات مفتوحة ، مع احتفاظهم بمرتباتهم هي نفسها ، فسوف تكون الحكومة هي الكسبانة ، لأنها ستوفر بيئة مناسبة للعمل ، و ستوفر في استهلاك الكهرباء و الغاز و المياه في المكاتب ، و ستقلل من زحام الشوارع و المواصلات العامة و في النهاية يوفر هوءلاء الموظفين البسطاء بعض نفقاتهم بما يحسن أحوال أسرهم المعيشية .. و قد جربنا قرار تخفيض عدد العاملين في المصالح و الأجهزة الحكومية طيلة فترة الماضية ضمن حزمة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة ، لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد .. و هكذا هذه فرصة لا تعوض لتحقيق أمل الرئيس القديم في تطوير جهاز إدارى لا يمكن بقاؤه على حاله .. جدير بالذكر أن الجهاز الإداري للدولة ضخم جدا حيث يضم 2443 كيانا حكوميا ، في 33 وزارة و 14 مصلحة و 217 هيئة و 27 محافظة و 188 مركز و 226 مدينة .. و تسعى الحكومة لتنفيذ خطة الإصلاح الإداري للجهاز الإداري للدولة عملية الإصلاح الإداري عملية طويلة المدى و مستمرة ، خلال فترة تتراوح بين 7 الى 8 سنوات في الاحوال العادية و يتطلب حزمة حاكمة من القوانين و اللوائح تستند إلى متابعة جهود العاملين بالجهاز الإداري للدولة و تقييم مجهودهم ، فالموظف العام هو صلب عملية الإصلاح مع أهمية دور تدريب و تأهيل القيادات الشابة ، حيث إن الاستثمار في الشباب هو أغلى أنواع الاستثمار ، و برامج تقييم القدرات قبل و بعد التدريب .. و يعتبر قانون الخدمة المدنية قاعدة تشريعية هامة فى المعاملات مع موظفى الجهاز الإدارى للدولة .. و التحول الرقمى يحتل مكانة هامة في عملية الإصلاح الإداري سواء من خلال ربط الجهات ببعضها تسهيلا لتكامل قواعد البيانات G2G ، أو من خلال ميكنة الخدمات الحكومية لتقديم خدمة ذات جودة و في وقت قياسي للمواطن و القضاء على الفساد .. هي فرصة للاصلاح و اعلاء ثقافة الانجاز خاصة وعجلة الحياة ستعود للدوران .. وعلينا جميعا الالتزام بكل احتياطات الأمان و السلامة .. نعقلها و نتوكل على الله ، نواصل العمل و البناء ونحافظ على حياتنا و حياة من نحب .. هى محنة و اختبار .. لكن الشعب المؤمن الأصيل قادر بعون الله أن يحولها إلى منحة .. قادر على أن يحقق نصرا جديدا فى معركة وطن هو فى رباط إلى يوم الدين ..و الله الموفق و المستعان و بالصدق و الاخلاص تحيا مصر