مصر...وإدارة الأزمات
4:06pm 28/05/20
الدكتور أحمد نصر
دخلت مصر خلال السنوات الأخيرة فى ظروف مناخية جديدة علينا كمصريين لم نكن نألفها أو نتعود عليها من قبل وأصبحنا نتعرض لعواصف رملية وترابية ورياح شديدة مصحوبة بتساقط أمطار غزيرة لتصل إلى حبيبات وكرات ثلج ومصاحبة ذلك برؤية البرق وسماع الرعد وحدوث سيول شديدة.
كما أنه أصبح العالم كله كقرية واحدة وبالتالى أدى تفشى وباء معين فى أى دولة من السهل أن يأتينا فى غضون أيام قليلة لكى نرى المرض أو الفيروس سريع الانتشار.
الدولة ممثلة فى الأجهزة المعنية خاصة رئاسة مجلس الوزراء والوزراء المختصين والسادة المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية وكذلك رؤساء شركات المياه والصرف الصحي والكهرباء والغاز الطبيعى والقيادات الأمنية والأطباء والتمريض. ...كلهم لم يتقاعسوا عن القيام بالدور المناسب لهم نحو تلك إدارة الأزمة وكل حسب إمكانياته وقدراته وحسب ما هم مستعدين له نحو التعامل مع تلك الأزمات.
هيئة الأرصاد وبكل صراحة تقوم بدورها على خير وجه وقد حذرت ونبهت إلى أنه سيحدث أمطار غزيرة مصحوبة بالبرق والرعد وتعرض البلاد كلها لسيول وذلك قبل حدوث ماحدث وبوقت كاف وبالتالى كان ينبغى أن تكون موجودة خطة مركزية قومية لإدارة الأزمة يعاونها خطة شعبية وأهلية من مجمعات أو تجمعات المجتمع المدنى كله ولاننتظر مبادرات حل الأزمة من الحكومة فقط.
عند حدوث هذه الأزمة فلابد أن نتوقع انقطاع الكهرباء والمياه وطفح غرف الصرف الصحى ولابد أن نتوقع حدوث خلل فى طرق السكة الحديد كلها وفى طرق مترو الأنفاق وفى الطرق السريعة وان نتوقع أن تتسبب قوة الأمطار والسيول إلى غرق القرى وخاصة البيوت الريفية وهدم الكبارى والمخرات المخصصة لتجميع مياه السيول. ...
لابد أن نتوقع حدوث ماس كهربائي ينتج عن احتراق كشكات الكهرباء وأعمدة الإنارة وبالتالى تمثل خطر كهربة المياه بالشوارع وأعمدة النور.
لابد أن نتوقع حدوث خسائر فى الأرواح والممتلكات وغيره. ....
إذا لابد وأن يكون هناك حساب لكل أمر متوقع حدوثه ووضع خطط تتماشى وتناسب كل حدث ولابد من متابعة ذلك ابتداء من أكبر مسؤل بالدولة إلى أقل مسؤل.
لابد ومن تغيير وتحديث وتطوير شبكات المياه والصرف الصحي بكل البلاد وكذلك شبكات الكهرباء وتوزيع الأحمال وتأمين توصيلات الغاز الطبيعي.
لابد ومن وجود طوارئ أمنية وبالمستشفيات وبكل غرف إدارات الأزمات بالمحافظات.
ليس هناك أية حجة بأن الاعتمادات المالية ضعيفة أو قليلة ولكن للأسف نحن نفتقد أصول الإدارة العلمية وخاصة إدارة الأزمات.
الغالبية تنتظر توجيهات وتعليمات المسؤلين الكبار خاصة رئيس الجمهورية أو السادة المحافظين.
الكثير يجرى إلى اتخاذ اللقطة التصويرية فقط والمشاركة المؤقتة بالأحداث ثم الاختفاء ولكن يبقى المواطن هو المقهور الوحيد والخاسر فى تلك الأزمة.
ما ذنب المواطن الذى ذهب ليبحث عن رغيف خبز ووجد جميع المخابز مغلقة. ؟
ما ذنب المواطن الذى فوجيء بأن بيته كله غرق بالمياه وخرت عليه مياه الأمطار من الأسقف وانهيار بعض الجدران؟
ما ذنب المواطن الذى وجد نفسه محبوسا ببيته وغير قادر على الخروج لقضاء حوائجهم؟
ما ذنب المريض الذى لم يجد سيارة إسعاف أو صيدلية مفتوحة أو عيادة طبيب تستقبله؟
ما ذنب الفلاح الذى اغرقت المياه كل أرضه وبالتالى تلفت زراعته كلها وأصبح باكيا؟
ما ذنب المواطنين الذين صعقوا بالكهرباء وماتوا فى الحال وهم داخل بيوتهم بسبب الماس الكهربائى وكذلك الحيوانات التى نفقت أثر كهربة مياه الشوارع المجمعة ومن أعمدة الكهرباء؟
ما ذنب المواطن الذى تسبب انقطاع الكهرباء وتذبذبها فى تلف الأجهزة الكهربائية ببيوتهم وشققهم؟
بصراحة أظهرت الأزمة الأخيرة أن المصريين تجمعهم الأزمات بالفعل ويظهر معدنهم الطيب والأصيل وذلك ظهر فى تكاتف الكثير منهم معا والمشاركة فى رفع المياه وإصلاح الأعطال ونقل المواطنين المتعثرين فى حركاتهم واستقبال ركاب القطارات المعطلة وضيافتهم.
ولكن الغريب انه ولا حزب سياسى مصرى قام أعضاؤه بعمل اى إجراءات حيال حل ومعالجة تلك الأزمة أو طرح الحلول بما فيهم الحزب الذى يدعى انه يمثل الدولة. ؟؟؟؟!!!!
ماحدث يا سادة فوق طاقة المسؤلين للأسف ويوضح الفشل الذريع فى ادارة أزمة تعرض البلاد لرياح ومطار وعواصف وسيول ولابد من إعادة النظر مستقبلا لتلاف ماحدث من أخطاء فى ادارة هذه الأزمة وأقول كلامى هذا فى نفس الوقت الذى غرقت فيه قرى عديدة عندنا ببنى سويف أثر السيول ومازالت فى مرحلة خطر