صابر حارص يكتب كيف كانت ليلة أمس معكم
كانت ليلة حانية، تخلصت فيها من أطنان الذنوب طوال خمسة عقود، الذنوب كثيرة ومتنوعة، ومعلومة ومجهولة، وظاهرة وباطنة، استحضرتها أمام عيناي كشريط لفيلم سينمائي، وخصصت لكل ذنب من ثلاث إلى سبع استغفارات، كان الاستغفار كالسهم الذي يسقط الذنب مدويا، وكلما تساقطت الذنوب خف وزني وتصعد روحي باتجاه السماء..
ويقيني ان رب العزة تجلى تجليا يليق به وبرحمته علينا في هذه الليلة التي يولد فيها الانسان من جديد، ويعاد تحديد رزقه من جديد، فالدعاء مقبول واستجابته مؤكدة خاصة لمن هم بظهر الغيب من الأبناء والأهل والأحباب والأصدقاء..
تعاملت مع الذنوب بشكل علمي يليق بالانتصار عليها، فقسمتها ذنوبا للسان، وذنوبا للبصر، وذنوبا للنية والخاطر رغم أنها معفية ما لم تقع.. قسمتها ذنوبا في حق الوالدين وذنوبا في في حق الجيران، جيران البيت وجيران الغيط.. ذنوبا في حق طلابي وذنوبا في حق زملائي، وذنوبا في حق أساتذتي، وذنوبا في حق من تعاملت معهم في البيع والشراء... ذنوبا في حق الذكور وذنوبا في حق الإناث، ذنوبا في حق الكبار والصغار والشباب.. ذنوبا داخل مصر وذنوبا خارج مصر أينما كنت.. ذنوبا قبل البلوغ وذنوبنا بعدالبلوغ، وذنوبا بعد النضوج... ذنوبا للكذب والنميمة والغيبة والضعف، غير أن ثمة ذنبان تذهق روحي ولا أحب فعلهما: الكذب والضعف، فأنا منذ صغري أكرمني ربي بالصدق والشجاعة وقول الحق حتى لو كلفني هذا حياتي..
كانت ليلة حانية أسقطت عني اطنان من الذنوب ...
تخلصت فيها من أوزاري، وأتمنى أن أكون قد تخلصت من أوزار غيري، والآن نحن مقبلون على الحياة، قادرون على الاستمرار، واثقون من رحمة الله، موقنون من رفع البلاء والوباء، هكذا حينما يقترب الانسان من ربه، يخف وزنه وتثقل حسناته ويصعد إلى السماء ويشعر أنه قريب ومقرب... وجدير بالانسان أن يعيش حياته على هذا النحو اذا كان مقصرا ومذنبا مثلي، ينتهز فرص وعطايا الله، فيستغفره ويدعوة في أوقات النفحات، أفعل ذلك ليلة الجمعة ونهارها، أفعل ذلك يومي الاثنين والخميس، أفعل ذلك يومي عرفة والمحرم، أفعل ذلك في رمضان...
فما بالك باحساس رمضان والعشر الأواخر وليلة القدر!! كل عام وانتم بخير ونعمة..بلغنا اللهم رمضان ووفقنا في صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيك يا الله...فإنك ولي ذلك والقادر عليه وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...