ندى التجلّياتِ في عرفاتٍ

في جوفِ عرفاتٍ يدعو اللهَ مبتهلًا
والدمعُ يزرفُ فيضَ العشقِ والأملِ
تهوي القلوبُ إذا لاحتْ طلائعُهُ
كأنها عند نجمِ العرشِ تشتعلُ
هذي الجموعُ أتتْ، بيضٌ مآزرُها
ما بينَ خاشعةٍ تبكي وتبتَهِلُ
الروحُ في النورِ تنسابُ السنا قُبَلاً
والنفسُ في حضرةِ الرحمنِ تكتملُ
يا ربُّ ها نحنُ في عرفاتِ نرفعُها
كفًّا تضرّعُها تُرجى وتُبتهلُ
نسعى إليك بإخلاصٍ وإيمانٍ
وفي القلوبِ رجاءٌ ليسَ يختزلُ
ألقيتُ أثقالَ أيّامي على حجري
وها أنا الآنَ محرومٌ ومبتهلُ
أنهيتُ سِفريَ في روحي وجئتُ إلى
بابِ الغيابِ، فقلبي فيهِ مُشتعلُ
فاغفرْ لعبدٍ أتاهُ الخوفُ من وجَلٍ
وارحمهُ، فالذنبُ أمضاهُ وما خَجِلُ
يا نبعَ رحمتِهِ فاضَتْ مشاعرُنا
فهلْ تقبّلنا؟ إنّ الجودَ مكتملُ
قد قامَ إبراهيمُ يدعو في البريّةِ أنْ
"يا ربُّ أقبلْ جموعًا نورُها أملُ"
"هذي الجبالُ تُصلّي معهمُ شغفًا
وتشهدُ الريحُ أنَّ البوحَ مُكتملُ"
هذي الجبالُ تُصلّي معهمُ شغفًا
وتشهدُ الريحُ أنّ البوحَ مرتجلُ
فامننْ علينا بفيضِ النورِ واغسلْنا
من كلِّ ما في خفايا النفسِ ينخذلُ
وابعثْ نسائمَ غفرانٍ لسرّهمُ
وارزقْ قلوبَهمُ ما لا يُرتجلُ
واختمْ لنا الحجَّ بالإحسانِ والرضا
وأجعلْ لنا في غدٍ جنّاتِكَ الأزلُ