18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب : سيد أبو محروص فى ذمة الله

10:57am 10/03/23
صوره ارشيفيه
عبدالحي عطوان

سيد أبو محروص ليس قصة درامية، ولا رواية لمؤلف من الروايات، وأنما حكاية من الآف الحكايات لناس سقطت من تعداد السكان، تاتى وترحل بلا ضجيج ،كنت أراه يومياً جالساً بارزاً ركبتية عند مرورى بذلك الميدان ، ملامح بشرته التى كستها لفحة الشمس، قسوة الزمن التى حفرت التجاعيد على وجههه ، ملابسه البسيطه الرثة عمامته التى تتدلى فوق رأسه، أدواته فأسه ومقطفه وجاروفه التى لا تتغيير أبدآ، مثله مثل غيره فى آلآف الميادين ،

 

كنت يومياً أقف لحظات أراقبه أرصد ملامحه ، أشاهد نظراته التى ترصد مداخل ومخارج الميدان ، تتجول فى كل الأركان تجوب ملابس المارة والسيارات الفارهة تبحث عن اليومية ،همهمات أنفاسه ومناجاته وطقطقة صرير أسنانه ، مشهد يدفعك إلى ألف سؤال وسؤال ؟ مواطن منسي من كل حسابات الحكام يصنفوه أحياناً عمالة غير منتظمه، وتارة تكافل وكرامة، وتارة سريح باليومية، ولكن فى الحقيقة هو مواطن على باب الله ،ألاف من اللوائح والقوانين وتوصيات اللجان لم تنصفه، لم تنقله، من فقير أو حتى معدم الى متوسط الحال ،وفى النهاية هو عاطلاً بلا هوية ، 

 

واليوم بمرورى بالميدان لم أرى ذلك الإنسان ، ظننت فى نفسي أن يكون قد أتاه الرزق قبل وصولى، وفى الصباح التالى مررت فى نفس الميعاد فلم أجده أيضاً جالساً وسط أقرانه من العمال، فبدأت تساورنى الشكوك ربما يكون أصابه مكروه أو أرغمته الظروف على عدم المجئ ، وفى المساء وجدتنى أسترجع مع ذاكرتى ملامح هؤلاء وجلسوهم على الأرض، وكأنهم ينتظرون الحساب من رب العباد، طاف بخيالى ملامح الشقاء ،التى تكسوهم وتعبيرات الحزن والأسى، التى تغطى ملامحهم وتساءلت بينى وبين نفسي أين العدالة من هؤلاء؟ وصممت على المرور غداً مبكراً لرؤيته والأطمئنان عليه، وبمرورى فى الصباح لم أجده جالساً كالعادة ! فزاد فضولى من السؤال ؟أقتربت من أقرانه الجالسين على الأرض ، هللوا عند أقترابي وتسارعوا نحوى أعتقاداً أن لدى عمل لهم، أو جئت متبرعاً بالهدايا أو العطايا، كما يحدث أحياناً من أهل الخير، ولكننى بأدرتهم بالسؤال عن ذلك الغائب واصفاً ملامحه، وملابسه وعمامته والذى كان يجالسهم يومياً حتى أقطع عليهم التسابق والٱندفاع ، فأجاب أحدهم تقصد سيد أبو محروص ،للأسف أصيب بكورونا منذ يومان وهو الآن يرقد داخل مسكنه، فلم يجد من ينقله للمستشفى أو من يداويه من ذلك الوباء، أخذت عنوانه فهو يقطن فى أحد الأحياء الشعبية المنسيه معدومة الخدمات ،أقتربت من منزله أخذت فى طرق الباب، حتى فتحت لى طفله صغيره تبدو عليها ملامح الجفاف والشقاء ، بادرتنى قائلة والدى تعبان وأمى تجلس بجواره تهيل البكاء ، طبطبت عليها وطلبت منها منادة من بالبيت ، جائنى الإبن الأكبر مسرعاً متسائلاً عن هويتى، وكأنه يقول فى قرارة نفسه لأول مرة يقدم الينا زائر ويسأل عنا فسألته عن أعراض مرض أبيه فتطابقت كل إجاباته مع ذاك الوباء، وقفت أحرك أصابعى على أرقام موبيلى حتى أستقرت على رقم مدير المستشفى العام سردت له تفاصيل المرض والظروف، كان رده على متأسفاً، بحثت فى إتجاه آخر ومستشفى أخرى كانت كل الإجابات أنتظر حتى المساء ، غادرت منزلهم على أمل العودة خلال ساعات لنقله للعلاج ،جلست أحاسب نفسي أوبخها على تركى له وعدم نقله الى أى مكان أخر ، تناوبت الأفكار فى رأسي وكان السؤال المزعج من أين يأتون بالطعام خلال تلك الأيام 

مرت الساعات ثقيلة على نفسي حتى جاء المساء ، هرولت إليه مسرعاً لنقله للعلاج ، عندما أقتربت من المنزل جاء صوت الصراخ من خلف الجدران مدوياً جعل خطوات اقدامى ثقيله حتى تثمرت فلم تتمكن من الإقتراب شاهدنى الإبن فبادرنى قائلاً لقد مات الأب" مات سيد ابو محروص" لحظتها لم أشعر بنفسي كأنى فقدت عزيز غالى، أغرقت عيناى بالدموع ،وقفت لحظات فاغراً فمى فلم تسعفنى كلمات الرثاء ولا كل دباجات العزاء، ماذا أقول وماذا أكتب ولمن نناجى ومن نحاسب ومن المسئول عن هؤلاء ؟ الآن أدركت معنى أن القلم قد يحمل الماً وحزناً عندما يكتب عما يأتون ويرحلون بلا ضجيج !! فقد مات "سيد أبو محروص" قبل أن يصرف مرتب العمالة الغير منتظمه، أو قبل أن يصنف تحت أى بند فقد مات عاطلاً بلا هويه "مات سريح باليوميه" ومبروك عليكى يا دوله قوانينك وخططك الخمسيه ،

 

فخامة الرئيس ،،،،

نظرة إلى العمالة اليومية ،ولا تتركهم للميادين، فصراع الأسعار والعوز والفقر والجوع والمرض بات يفتك بهم

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn