صفوت عمران يكتب: الدولة والنظام والمعارضة!!
في الوضع الطبيعي، يعمل النظام والمعارضة من أجل قوة الدولة، وتحقيق تقدمها، وأن كل من النظام والمعارضة يتنافسان في تقديم رؤيتهما من أجل نجاح الدولة ورفاهة شعبها، لذا قد تصبح المعارضة هي النظام الحاكم، وينتقل النظام الحاكم إلى مقاعد المعارضة، ثم يتكرر الأمر، وشاهدنا ذلك في العديد من الأنظمة الديمقراطية غرباً وشرقاً.
#في الوضع الطبيعي، فإن المعارض يقوي موقف المفاوض، وأن المعارضة تكون جزء من قوة الدولة داخلياً وخارجياً، بل في كثير من القضايا يتم التنسيق الكامل بين النظام الحاكم والمعارضة لخدمة الدولة وتحقيق أهدافها العامة.
#في المقابل .. عندما يصبح النظام الحاكم هو الدولة، والدولة هي النظام الحاكم، وأن من يؤيد النظام الحاكم يؤيد الدولة ومؤسساتها، وهو وطني مخلص محب للوطن ويريد له التقدم والنجاح، وأن من يعارض النظام الحاكم يعارض الدولة ومؤسساتها، وهو خاين وعميل وعدو يجب أبعاده عن المشهد وتشويهه وصولاً إلى التخلص منه وربما تصفيته، بل تظهر قاعدة: «لا بد من التغطية على مواطن الضعف والخطأ والفساد حتى لا تشمت فينا المعارضة» .. هنا تصبح الدولة في خطر ولمبة الإنذار الحمراء تبدأ في العمل...
#في المقابل ... عندما تتمنى المعارضة سقوط الدولة وفشلها، كوسيلة وحيدة للتخلص من النظام الحاكم، بل وتفرح وترقص مع كل إخفاق للنظام، حتى لو هذا الإخفاق يضر بالدولة ويهدد وجودها، عندما تضغط المعارضة بقوة لفضح خطايا النظام الحاكم وتجاوزاته حتى لو تسبب ذلك في مزيد من تدهور الدولة دون اعتبار لهذا التماس.. هنا تصبح الدولة في خطر، ولمبة الإنذار الحمراء تبدأ في العمل...
#الخطر الذي تعيشه الدولة .. أي دولة .. يعود إلى الزواج الغير مبرر بين الدولة والنظام الحاكم، عندما يصبح بقاء الدولة مرهون ببقاء النظام الحاكم، وإنهيار النظام الحاكم يعني ضمنياً إنهيار الدولة، هنا تصبح الدولة في خطر .. ووقتها تصبح المعارضة في حيرة من أمرها هل تصوب على النظام الحاكم فتصيب الدولة في مقتل، أم تخاف من ضرب الدولة في مقتل وتترك الساحة للنظام الحاكم؟! .. في الأولى تتهم المعارضة بالعمل على اسقاط الدولة ذاتها «مبرر الموالون للنظام»، وفي الثانية تتهم المعارضة بأنها مرتزقة ترضى بالفتات «حديث عموم الشعب»... هذا وغيره ما يبرر حتمية الفصل بين الدولة والنظام الحاكم.. وأن المؤسسات تكون مؤسسات الدولة وليست مؤسسات النظام الحاكم.. وأن ولاء الرجال يكون للدولة وليس النظام.. ورجال تلك المؤسسات ما نطلق عليهم «رجال الدولة»...
#الاغرب .. أنه في هذا النوع من الصراع تتراجع قيمة الدولة لدي مختلف الأطراف.. مرتزقة النظام الحاكم ومنتفعيه ومنسوبيه لا يهمهم سوى مصالحهم الضيقة وما يحققوه من أرباح وأموال ومناصب من وراء النظام ولا يشغلهم بقاء الدولة أو قوتها، والكثير منهم معه وأولاده جنسيات دول أخرى وأموال تكفيهم للعيش في أي بلد بالعالم إذا حدث ما هو غير متوقع، والمعارضة ومنتفعيها ومنسوبيها لا يهمهم سوى إسقاط النظام الحاكم وكشف عوراته حتى لو أدى إلى سقوط الدولة، مؤكدين: لا توجد دولة حتى نسقطها في ظل نظام استولى على كل مقدرات الدولة ورهن وجودها بوجوده...
#في ظل ذلك الصراع .. الذي لا نريد فيه المساواة بين أخطاء النظام وأخطاء المعارضة .. فهناك اختلاف في دور كل منهم فيما وصلت له الدولة .. يبقى الشعب .. الشعب الذي تعاني اغلبيته مخاوف مشروعة على مستقبل الدولة، ومخاوف مشروعة بسبب ظروفهم المعيشية، وتأثير القرارات المختلفة على استقرار الدولة ووحدة وسلامة أراضيها واستقلال قرارها الوطني، أغلبية ترفض زواج النظام الحاكم بالدولة، وتحذر من طلقات المعارضة التي لا تفرق بين الدولة والنظام، وسط تحرك من خبثاء جعلوا الدولة صريعة تلك الحسابات المعقدة .. بات الخروج منها يحتاج إلى معجزة.