عبدالحى عطوان يكتب: خطايا الرئيس والخطاب الأخير والوعى المزيف
قد يظن البعض من الوهلة الأولى لقراءة عنوان مقالى دون التعمق فيه أننى ذاماً فى الرئيس مع كل هذة الأزمة الإقتصادية الطاحنة التى نعيشها، فالحقيقة و بكل صدق لست مادحاً أو ذاماً بقدر ما أردت أن أطرح عدد من التساؤلات أمام شعب عاش عمره كله، تربطه بالحاكم علاقة عاطفيه بحته، مرهون بخطاب سياسي مكتوب بحرفية من أحد الصحافيين العظام أمثال الراحلين محمد حسانين هيكل أو مكرم محمد أحمد، لا يحيد الرئس عن سطوره حرفاً، كتب بلحن أبداعى يتناسب مع نفسية الشعب وعواطفه، يجعله يصفق بل يكاد يرقص طرباً إذا أبتسم الرئيس، أو تحدث ناكتاً أعظم أمانيه أن يحصل على علاوة دون أن يسمح له طوال تلك السنوات أن يكون أحد أطراف المعادلة السياسية ،أو لدية الوعى الحقيقي لقراءة المشهد وفهمة،
وبرغم أننى من عشاق عبدالناصر والتجربة الناصرية،والسادات بكل خطاياه وأحب الرئيس مبارك بكل رزانته وهدوءه وابتسامته ، وأشعر بعلاقه عاطفيه دفينة تربطنى معه فقد تلازمنا طوال 30 عاماً تعلمنا وكبرنا وأنجبنا أولادنا وهو معنا بخطابه الذى كنا ننتظره يوم عيد العمال من كل عام لنحصل على المنحة، 30 عاماً مضت دون أن نكون طرف فى المعادلة، حكم مستبد بيده كل شئ ومحكوم يرقص طربا عند العلاوة وحزب وحيد يصفق ليل نهار وقلة من الفسدة يسيطرون على كل شئ وشعب مغلوب على أمره ، ووطن يتهاوى وسط الأغانى الجميلة، وصحف قوميه ينفق عليها الملايين، أجتهدت على صناعة الوعى المزيف والإقناع بصورة بخلاف الحقيقه،
حتى جاءت اللحظة الفارقة فى عمر الأوطان والتى خطط لها من قبل دول عظمى، وأجهزة أستخباراتيه عالمية، والدفع بالثورات المصنوعه والمزعومة والمزينه بخطابات حقوق الإنسان ، وفساد الحكام وشعارات رخاء المستقبل وتغيير الحياة السياسية والإقتصادية وقد لاقت تلك الشعارات هوى فى نفوس الشباب بدعماً من الإيدلوجية الدينية المنظمة ،حتى كانت البداية كانت تونس ثم ليبيا والعراق وسوريا حتى إنهارت تلك البلاد ولن تعود مرة أخرى وللعلم بالشئ لحظة سقوط سوريا لم تكن مديونه بليرة واحدة فقط .
أمتد ذلك المخطط اللعين لمصر وبرغم الصقور والجيش كانت البداية 25 يناير خرجنا للشوارع ثائرين فمصطفى كامل وعرابي ومحمد فريد بعثوا من جديد وهنا دون ان نخون أصحابها، أو نتهم أحد بالعمالة أو بالخيانه أو نتحدث عن أجندات خارجية، أفترشنا التحرير ،وأقمنا فيه حتى رحل مبارك وأصبحنا نهتف فى الشوارع بالحرية ، ثم ماذا كانت النتيجه النهائيه سنوات من النهب والرعب و الفوضى والتخريب والبلطجة والسرقة وحمل كل منا سلاحه لحمايه بيته وعرضه وماله، وامتلأت بلادنا بالارهابين وشوارعنا تحولت لصراعات البقاء للاقوى حتى وجوهنا لبست أشكال غريبه وإدمغه خاويه نتنازع دون أن نفهم، أنقسمنا إلى فرق وقبائل، وغطتنا ازياء الخليج وأمسك كل منا بمفاتيح الجنة، سنوات عجاف قضت على الأخضر واليابس، فالحياة إحتلتها النزاعات السياسية، والمصانع نهبت وأغلقت أبوابها، واصبحنا أشلاء دولة بلا إنتاج مفلسه،
فقد مضت بنا الأحداث من سيء إلى أسوء حتى جاءت ثورة يونيو وأستلم الرئيس مقاليد الحكم عام ٢٠١٤ فى ظل إنهيار الإحتياطى النقدى إلى أدنى مراحله ما يعادل 16 مليار دولار، منهم وديعة للدولة القطرية 4 مليار أى ما يكفى مرتبات العاملين 4 شهور فقط
واليوم بعد مرور تلك السنوات على حكم الرئيس السيسى ومع تغيرات المعطيات الدوليه، والكوارث والحروب العالميه، والأحداث والنتائج، قبل أن نقيم المحاكمة، ونصنع من أنفسنا سياسيين وإقتصاديين بارعين، وفلاسفه وحكام، لنكن منصفين أمام الله ونعود بأنفسنا للوراء مهما قال الرئيس فى أحاديثه أثناء حملته الإنتخابيه مع لميس أو غيرها ولم يحقق بعضها وبرغم كلانا يعلم أن الوعود الانتخابية لا تتحقق كلها هل مصر قبل الرئيس بكل أشكال الخراب والانهيار مثل مصر الآن بكل ما تم فيها من تطوير نتائجه لاحقه
لذا أمام ضمائركم ،!!
هل أخطأ الرئيس السيسي فى حديثه خلال المؤتمر الإقتصادى حينما أراد أن يكون صريحاً مع شعبه مهما كلفه ذلك من إنهيار لشعبيته، أو تشويه الإبواق الإعلاميه المأجورة له ؟ هل أجرم حينما أراد أن يكون صادقاً وإلا يبيع الوهم للمصريين مثلما كان يحدث فى السابق على مدار 30 عاماً من السنوات الماضية حتى إنهارت البنية التحتيه تماماً وانهار التعليم والصحة وأمتلات مدننا بالعشوائيات بل بات المرض ينهش فى جسد كل المصريين بدون رحمة او شفقة بل أصبح السرطان وفيروس سي شعاراً لكل أسرة!!
هل أخطأ الرئيس حينما وقف يصارح شعبه، ويكشف كل المستور بكل صدق، دون أن يعنيه العالم، وإنما كل ما يعنيه المكاشفه لرفع الوعى ويدق الإنذار بالمخاطر و يضع الجميع أمام مسئولياته !!
لا أنكر عليكم حينما شاهدت خطاب الرئيس أشفقت عليه كثيراً ،فقد ذكرنى بمشهد العبقرى الراحل أحمد ذكى فى فيلم ضد الحكومة، عندما قال جملته العبقريه لعلى اليوم أتطهر من خطاياى، نعم أحسست وكأن الرئيس أراد أن يقول للمصريين ما قام به بالأرقام من بناء المساكن، والمدارس، والطرق والكبارى، والمستشفيات، والكهرباء والطاقه، والزراعة ،والصناعة، والتعليم ،والرقمنه، فى ظل مكافحة فيروس كورونا والحرب الاوكرانيه بدولة محدودة الموارد مفلسه،
نعم أشفقت على الرئيس من حالة الإستقطاب، التى سادت المجتمعات العربية وبعضها البعض، وهى ما أختصها الرئيس فى خطابه بالفقرة الخامسة، عندما تحدث عن الأشقاء العرب وتناحرهم وتغيرهم معنا فقد أرادوا تقسيم التورته رحم الله الملك عبدالعزيز والشيخ ال زايد عشاق مصر ، بل الكارثى ان الأمر وصل أمتداده إلى داخل الدوله الواحدة من انقسامات أجتماعية ودينيه
خطاب الرئيس الذى كيل عليه الإتهام اليوم وضعنا أمام ضمائرنا لعلها تستفيق قبل أن نبكى جميعاً على وطن أضعناه بحماقتنا وجهلنا وعدم ثقافتنا وعدم قراءتنا للمشهد الدولى ومهما كانت لدينا معاناة إقتصادية طاحنه وأزمة أسعار، وفساد الأباطرة ،وأنغلاق سياسي وإنهيار تعليم وصحة، ومجلس نواب موظف لدى الحكومه ، لكن على الجميع الإنتباه!! ولنتذكر جميعا كلمة الراحل قداسة البابا شنوده حينما قال مصر ليست وطناً نعيش فيه! وإنما وطناً يعيش فينا!!
وفى النهاية ..فلتستيقظ ضمائركم !وتسقط الغشاوة من على أعينكم! وإلا يشوه كلام الحاقدين الكارهين لكلمة مصر أفكاركم!! فتلك بلادنا التى سفكنا الدماء من أجلها، ومات الأبرياء فداءاً لها ،أفيقوا قبل فوات الأوان، ولا تجعلوا الأمريكان أو جنودهم وأتباعهم أوعرابة اليهود، أو أبواق الإنجليز الذين يعبثون فى أذان الصبيان ينالوا من ذلك الوطن، لحظتها سنكون فى الشوارع عراه!! ..فالأوطان التى تضيع لن تعود!! فلا نكن كالحمقى من أجل الدفء نحرق منازلنا!!