الحلم وكظم الغيظ بقلم : منى صدقى مازن
الحلم وكظم الغيظ من الأخلاق التى يحبها الله جل جلاله ، وهى التى تمكن الإنسان من السيطرة على غضبه ، والذى يفقد الإنسان السيطرة على سلوكياته وعقله ،فيصدر بسببه كل شر ويندم فيما بعد على ما صدر منه فى ساعة لم يسيطر فيها على سلوكياته وعقله ، لذا كان كظم الغيظ وترويض النفس الغاضبة ، خيراً من السير معه ثم الندم ، فى الحديث الصحيح عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم " أن رجلاً جاء إلى النبى عليه الصلاة والسلام وقال له أوصنى فقال له عيه الصلاة والسلام لا تغضب فردد مراراً فقال لا تغضب " رواه البخارى وفى الحديث الصحيح عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليخ وسلم قال " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب " رواه البخارى ومسلم وفى الحديث الصحيح عن حميد ابن عبدالرحمن عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليخ وسلم قال "قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم أوصنى فقال لا تغضب ، قال ففكرت حين قال النبى صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإذا الغضب يجمع الشر كله " رواه أحمد وفى الحيدث الحسن عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يباعدنى من غضب الله عز وجل قال لا تغضب " رواه أحمد .
والحلم من صفات المؤمنين المتقين قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافيين عن الناس والله يحب المحسنين " وقال تعالى فى آية أخرى والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون " ويستفاد من ذلك أن المؤمنين ليس فقط من يسيطرون على أنفسهم حالة غضبهم ،بل يزيدون على ذلك بأن يغفروا له ويتجاوزا عن خطئه فى حقهم .
وقال تعالى " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً " فالمؤمنون من عباد الله يتعاملون مع الناس من موقع المسالمة لا من موقع الخشونة والتحدى والرد بالمثل .
وقد حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على التحلى بخلق الحلم وأمرهم أن يتعاملوا بالتى هى أحسن فيتعاملون باللين واللطف والعفو والمغفرة ويبتعدون عن الطيش والتهور ومقابلة الإساءة بالإساءة .فذلك خصلة رفيعة عالية لا يرتقى إليها إلا صاحب النفس الكبيرة الذى جاهد نفسه فحملها على الأخلاق الفاضلة والجيدة .
والسنة النبوية الشريفة المطهرة مليئة بالحث على الحلم وعدم الغضب فعن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن الله يحب الحيي الحليم العفيف المتعفف "
وقال عليه الصلاة والسلام " ما جرع عبد جرعة أعظم من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله عز وجل "
وقال عليه الصلاة والسلام فى حديث آخر "ألا أنبئكم بما يشرف الله به البنيان ويرفع به الدرجات ، قالوا نعم قال تحلم على منجهل عليك ، وتعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك وتصل من قطعك " .
فالحلم وكظم الغضب صفات جليلة اختص الله بها عباده الصالحون المؤمنون ، ونحن فى هذه الأيام فى أشد الحاجة إلى التمسك بتعاليم ديينا الحنيف التى تحثنا على الحلم وعدم الغضب لنفوز برضى الرحمن ونسعد فى الدنيا والآخرة .