عبدالحى عطوان يكتب : لا مجانية والوزيرين
التعليم بكل المقاييس هو أحد أطراف المعادلة الصعبة التى تواجه الدولة المصرية فى نموها وتقدمها،فبعد سنوات من رفع شعار التطوير من بنية تحتيه وتابلت وتغيير مناهج والتصحيح الإلكترونى وأنفاق المليارات من الموازنة العامة تمت إقالة شوقى صاحب فكرة المنظومة الجديدة،ليحل محله ألف علامة أستفهام مع الوزير الجديد رضا حجازى على رأسها هل سنكمل فى نفس المسار بنفس الآليات لنحصل على نفس النتائج ؟؟التى دمرت مستقبل الآلاف من الشباب أم هناك معطيات أخرى وتطوير حقيقي يقودنا إلى نتائج جديدة !!
واليوم أنا لا اتطرق الى مزايا وعيوب المنظومه التعليمية الكثيرة لكننى بصدد جزئية واحدة وهى المجانية، التى كنا نتغنى بها طوال سنوات عمرنا وأذكر أنى فى المرحلة الإبتدائية عندما كنت تلميذاً كان الإنفاق الحكومى على التعليم يكاد يكون معدوم والمصروفات الدراسية لا تتخطى الخمسة جنيهات، والمصروف الشخصى لى بالقروش والطريق للمدرسة سيراً على الأقدام لمسافة الكيلو مترات ويزيد ومع ذلك كان هناك نظام دراسي قوى وتعليم جيد ومنظومه تؤدى إلى منتج نهائي ممتاز، ولكن اليوم بلغة الأرقام البسيطة وبدون مجاملة لم يعد التعليم مجانياً كما يزعم القادة والساسة، أو كما يعتقد الكثيريين، فاليوم أنفاق الأسرة المصرية على العملية التعليمية فاق حد الإحتمال فمصروفات المدارس والجامعات من المعضلات الكبرى التى تواجه الجميع كل عام.خاصة مع الزيادات المقررة سنوياً دون حساب، بالإضافة إلى تكلفة العام الدراسي من نفقات أخرى وعلى رأسها الدروس الخصوصية، التى أصبحت الشبح أو المارد الذى يستنزف جيوب المصريين، والتى فشلت الوزارة فى إيقافها أو الحد منها بل أصبحت تعليم موازى أستفحلت لتهدد نجاح المنظومة بأكملها.
على الجانب الآخر هالنى ما قرأته عن مدارس أجنبية تسمى الإنترناشونال موجودة بمصر تصل فيها المصروفات الدراسية بالباص إلى قرابة المليون جنيه سنوياً، مما أستدعى أحد النواب لتقديم طلب إحاطة فى البرلمان بصددها !!والكارثة الكبرى أن الوزارة بكل جيشها من رجال المتابعة والتوجيه المالى والمراقبين لا تملك محاسبة هذة النوعية من المدارس خاصة فى جزئية مصروفاتها أو نفاقاتها، برغم الشعار الذى ترفعة الوزارة فى مراقبة هذا التعليم ووضع العديد من اللوائح الخاصة به ، لكنها فى النهاية لا تتدخل فى تحديد المصروفات تاركة أولياء الأمور فريسه لهم بأعتبارها مشروعات أستثمارية، وترك الأمر للعرض والطلب، فعلى سبيل المثال المدرسة الأمريكة لها مصروفات محددة، والبريطانية لها مصروفات أخرى،وكذلك الجامعات الخاصة لها مملكتها وقوانينها يحدد كل ذلك سوق العرض والطلب.. والأغرب أن البعض منهم يتم التحصيل بالعملة الصعبة برغم أنها مقامة على أرض مصرية والطلاب مصريون.
والعجيب فى الأمر أن كل الذين تولوا منصب وزير التعليم فشلوا بجدارة فى رفع كفاءة التعليم العام للحد من التوسع والإستثمار فى الخاص بل المتابع جيداً يرى الدولة فى سنواتها الأخيرة بلوائحها وقوانينها باتت تدفع أولياء الأمور بكل السبل فى إتجاه التعليم الخاص، لتستنزف الأسر دم قلوبها ليربح هؤلاء ويصبحوا من الأثرياء دون رقابة أو متابعة أو قانون يحاسب !!
أيضاً مثلما فشلت الدولة فى رفع كفاءة التعليم العام، والحد من التعليم الإستثمارى فشلت فى القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، فمهما سنت من قوانين رادعة أو لوائح أو غيرت من مناهج أو نظام تعليمى، إلا أنها فى النهاية أصبحت فى زيادة مستمرة، بل توحشت لدرجة أن أولياء الأمور لم يستريحوا مدة خمسة عشر يوماً كفاصل بين الأعوام الدراسية،والمثير للدهشة ويضع علامة أستفهام كبيرة فى هذا الأمر أن الدولة تجرم الدروس الخصوصية من ناحية ، وتطالب بالقبض على المدرس الذى ينتهجها، وإحالته للنيابة ،وفى نفس الوقت هى نفس الدولة التى تفتح لمن يقوم باعطاء دروس خصوصية ملفات ضريبية كأعتراف ضمنى بمشروعيتها والموافقة عليها بأعتبارها مصدر ربح تجارى،
وفى النهاية،،
تبقى علامات الإستفهام قائمة وعلى رأسها التعليم منظومة وزارة ام منظومة وزير؟؟ هل يختلف رضا حجازى عن طارق شوقى؟؟ هل سنظل فى هذا المربع الصفرى آم سننتقل منه؟؟ هل يأتى يوم ونصبح من الدول المتقدمة تعليمياً مثل التى سبقتنا بخطوات ووضعها التعليم فى المقدمة الإقتصادية؟؟