18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب :- مريم وشريط الذكريات

1:30pm 10/04/22
عبد الحي عطوان
عبدالحى عطوان

عادت من الخارج بعد رحلة شاقة وحوار طويل مع مدير أحد الجمعيات التى تطلب السداد وتهدد بالحبس، فإزدحام الشوارع وحرارة الشمس وقيظ النهار عاد خانقاً، جلست مريم تلتقط أنفاسها على كرسي قديم متهالك موجود فى منتصف الصالة، التي بدت خاوية من الأثاث،حيث تقبع بين أربعة من الجدران ذات الألوان الباهتة، وقد غطا الزمن بتجاعيده على تلك الرسومات ،وكأنها لوحة جدارية تعبر عن التعاسة والشقاء، وما أن أغمضت جفون عينيها قليلاً حتى سرحت بخيالها للوراء، تذكرت من سنين مضت تلك اللحظة التى نادى فيها الأب على أمها وهمس بصوت خافت فى أذنيها لقد جاء عريس لأبنتنا،مازالت عيناى الأم محفورة بذاكرتى، حين تنهدت شهيقاً طويلاً وقد لمع البريق بعينيها، وكأنه طوق النجاة، مازالت كلماتها ترن فى أذنى وهى تهمس لوالدى متسائلة سؤالاً تلو سؤال من أين؟ وعائلته؟ وظروفه وطبيعة عمله؟ وهل يعرف شيئاً عن ظروفنا هل جلست معه وصارحته أننا على باب الله لانملك من الدنيا إلا حطاماً.
مازالت أتذكر تلك اللحظات، حينما دققت السمع فى محاولة لإستكشاف رأى الأب أو ردود الإجابات أو وصفة لذلك العريس القادم عبر زواج الصالونات، ظروفه ،عمله، ملامحة، أناقته، ومن طرطشة الحوار عرفت أنه عامل باليوميه بأحد الحرف المهنية، ما يطلقون عليه عبر كلمات المثقفين عمالة غير منتظمه وأضاف الأب له شهادة تخرج بأن لدية طموح أن يفتتح محلاً كبيراً لتجارة الأدوات الكهربائية ،فهو من أسرة بسيطة، لكنني أستحسنت خلقه والجميع أثنى علية فعلى بركة الله ،
مر شريط الذكريات سريعاً وجاءت ليلة الخطوبة فقد تمت فى نطاق عائلي ضيق ،فقط زغاريد الأم والجيران، وشريط النور الوحيد الذى علق فى مدخل الحارة التي تم كنسها ورشها بالماء ، وعدد من الكراسي القليلة التى تم وضعها فى مدخل المنزل القديم وهيصة الأطفال ،تذكرت جلوسه بجانبى لأول مرة وأنا ارتدى ذلك الفستان الذى لمع الترتر على كل تفاصيله وفرحة عينيه ،والكلمات القليلة التى نطق بها ،مر مشهد الخطوبه وبعده عامان من الذكريات 
تنهدت قليلة وقبل أن تفيق  طلت برأسها ليلة الزفاف، تذكرت وقوف تلك السيارة التى زينت أبوابها ببوكيهات الورد أمام أحد المنازل، خطوات ونحن نتشابك الأيدي والأصدقاء يحملون أطراف الفستان، فى صورة بدت وردية، ها هى شقتى عش الزوجية، ألوانها المبهجة، وصالتها المزينة، ومطبخها الذى يحوى بعض الإجهزة البسطة، فقد تشاركا الأهل فى تأسيسها.  
مرت الأيام سريعاً بحلوها ومرها شهور وكان الطفل الأول يحبو بين جدرانها، وصوت نحيبه يزلزل أركانها ،حركت رأسها يميناً ويساراً، حاولت أن تفيق ،ولكنها أدركت أنها داخل شريط الذكريات، أستيقظت ذات يوم بعد رحلة طويله مع المعاناة مابين عمل و بطاله، فواتير وفواتير ومطالب معيشية، على أنها وحيدة فقد رحل السند والظهر ، ولم يتبقي سوى قسوة الزمن ومرارة الأيام وجفاء الأقارب والأشقاء،نهضت من غفوتها،أخذت تكلم نفسها، ماعادت تتهامس فصوتها تحول إلى صراخ،تساءلت  هل وصلت للجنون؟ يا آلهى ماذا افعل؟ فالزوج ما عاد يستطيع الوقوف من مرضة! فقد إنتابته جلطة بالدماغ، أعجزته وأسعار الدواء والمستشفيات ألتهمت كل شىء،بعت ذهبي، ومتعلقاتى، والأثاث، والكماليات، ولم يتبقى لنا سوى ذلك السرير الذى ينام عليه ، وأقترضت من أحد الجمعيات، واليوم  مازال يحتاج للدواء ،ماذا أفعل؟ إنهمرت الدموع فوق خديها، حينما تذكرت صراخ مدير الجمعيه التى أقترضت منها مبلغاً فى رحلة العلاج وتهديده ووعيده لها بالحبس ورفع الإيصالات التى وقعتها على بياض مقابل مبلغاً زهيداً من المال ،  
فاقت على صراخ ذلك الطفل وكلماته وهو يناجيها، نظرت إليه بأبتسامه حزينة تغلفها دموع القهر، والزل، والظلم، قالت له اليوم ما زلت حيه بجانبك ولا أعرف غداً من يرعاك ،الله قادر أن يتولاك ..  
القصة بالكامل بالمستندات وبالعنوان تم طرحها على وكيل وزارة التضامن بسوهاج ومدير أحد الجمعيات المحترمة،من أجل توفير بعض الكماليات للمعيشه،
١٣٧

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn