مؤثرات العقل والفكر
إن العقل والفكر هما دفتي التحكم عند الإنسان , فالعقل هو التحكم والوعي والقدرة على التمييز والاستنتاج وحل المشكلات , والفكر هو المعرفة التي يستوعبها هذا العقل وهناك الكثير جدا من التعريفات لهما , منها الفلسفية والتي تطرقت إلى البحث في ماهية العقل والتفكير ماهية الذكاء والوعي , ومنها الطبية مثلا ومنها الدينية أو الاجتماعية وتباينت التعريفات بتباين الدراسات.
فالتعريفات الاجتماعية للعقل والفكر تعرفه على أساس علاقة العقل بالمجتمع ومدى تبادل التأثير بينهما .
وهناك دراسات في مجال التعلم وكيفية تنمية العقل لصالح العملية التعليمية .
وهناك دراسات فلسفية شتى تتفرع منها تعريفات للفكر والعقل لا حصر لها
وبالنسبة للتعريفات الطبية فإن العقل جزء من دماغ الإنسان يحوي على العديد من الخلايا والأعصاب و المفرزات التي هي عبارة عن مثيرات ومستقبلات وهو من أعقد الأجزاء في جسم الإنسان له من الأهمية القصوى بحيث أنه المايسترو الذي يقود ذلك الكيان كله وأيضا يقود العاطفة والإحساس والجسد.
وبغض النظر عن التعريفات المتعددة من الزوايا المختلفة لمصطلح العقل والفكر إلا أننا سنبحث عن ما هي المؤثرات التي تؤثر فيهما ؟ , تغير من اتجاههما سواء أكان هذا التأثير سلبيا أم إيجابيا .
فما هي تلك المؤثرات التي تتلمس عقل الإنسان وفكره؟ وتترك بصمتها عليه بقوة فتغير من مساره وتشكل اتجاهاته وتصبغه بألوان شتى نتيجة التأثر والتأثير .
المؤثرات على العقل والفكر :
الأسرة والمجتمع
المؤثرات الدينية
التعليم والثقافة
الطموح ومواجهة المشكلات
متغيرات العمر والصحة
العاطفة و جموح المشاعر
الأسرة والمجتمع
منشأ الإنسان هي الأسرة وهي أولى الأشياء التي تضع له بصمة عقلية خاصة وفكرية تختص بذلك الكيان الاجتماعي الذي هو لبنة المجتمع , إذن فلنعتبر أن أولى البصمات هي اجتماعية يتلقاها الطفل من كيان الأسرة ومن ثم المجتمع ككل, فالأسرة هي التي تغذي الطفل وتملؤه حتى النخاع بفكر خاص إن كان خيرا أو شرا , إيمانا أم كفرا , حبا للناس أم بغضا , أنانية أم عطاء , تمسكا بالقيم أو تسيبا لها وحتي الحنان والقسوة تسقيها الأسرة للعقل والفكر حتى ينمو على ما تشربه من عقائد ومشاعر .
المؤثرات الدينية
يعتبر الدين من أكبر المؤثرات على عقل وفكر الإنسان فقد يغير الإنسان من بعض القناعات التي تشربها من الأسرة وكبر عليها بسبب الدين , والدين هو أكثر ما يتغير الإنسان من أجله بسهولة وعن اقتناع وإيمان, ويكون الإنسان لنفسه قناعات جديدة مستقاة من عقيدته وإيمانه , فالدين يعتبر من أكثر المؤثرات العقلية ضلاعة بتغيير الإنسان وتبديله وتعديل مساره .
التعليم والثقافة
تعليم الإنسان وثقافته وما حصل عليه عقله من مشاهدات كونت بناء عقله وتفكيره وساهمت في إنشاء اتجاها خاصا يتخصص فيه بقوة ويمارس دورا في المجتمع على أساسه , والتعليم والثقافة يشكل أساسا صلبا لعقل الإنسان وتفكيرا يستند عليه استنادا مباشرا , بل يعتبر التعليم هو الخلفية الأساسية لفكر وعقل الإنسان والتي ينتمي إليها ويمثلها .
الطموح ومواجهة المشكلات
إن العقل والفكر الذي تربى في أسرة, ونشأ علي دين وقناعه , ثم جاء التعليم وصقل اتجاهاته كلها قد يتعرض لصدمات حياتية جديدة تساهم في تطور بنائه وتغيير شكله إنه الطموح الذي يسعى إليه وقد يتحقق ما يحلم به وقد يفقده ولا يراه ويشكل صدمات بالنسبة للعقل تغير مسار فكره واعتقاده وتؤثر بفكره حتى أنه يتنازل عن كل ما كان يتمسك به في الماضي أو قد يتمسك بما تخلي عنه من قبل, وطموح الإنسان إذا تحقق فإنه يؤثر أيضا بشكل أو بآخر في تكوينه الفكري فقد يقوده إلى الترقي أو ربما إلى الإنحدار .
تأثير العمر ومتغيرات الزمن .
إن متغيرات العمر والصحة والمرض والحاجة وجموح التجربة وقسوتها كل هذا يغير تفكير الإنسان وقناعاته فكل مرحلة عمرية يمر بها الإنسان تترك بصماتها على عقله وفكره وتجعل الضروريات و الأهميات لديه تختلف وتتغير بجموح تجربته إن كانت قاسية أم رقيقة ضارة أم نافعة و مدى قسوة هذه التجربة إن كانت مثلا هي افتقاد لشخص ذي تأثير فإنها تشتد وطأتها على فكر الإنسان , فتغير زوايا اهتماماته ففقد الأم لابنها أو الزوج لزوجته أو الابن لأبويه لا تترك الإنسان كما كان سابقا قبل التجربة وفقد الوطن وهكذا كلما جمحت التجربه جمح معها التأثر لعقل وفكر الإنسان .
العاطفة وعاصفة المشاعر
العاطفة تؤثر على العقل بل وتسيطر على تفكيره وتغير اتجاه القيادة دوما نحو ما تميل إليه و يستهويها والمشاعر أيضا فالحزن اذا سيطر على نفس الإنسان أثر على عقله وفكره فلم يترك له مجالا لممارسة قناعات فكره ومعتقدات عقله لكنها ستقوده إلى انحناءات شتي لم يتوقعها أو ينشأ عليها
وهكذا تتباين المؤثرات و تتضافر معا حتى تنقش لنا من العقل والفكر أشكالا عديدة فربما كان تمثالا أصما أو زهرة فواحة وربما شجرة وارفة , ربما تنحته صخرة أو ربما أثرت عليه عوامل التعرية فتركته خاليا فارغا أو ربما مملوءا على آخره و ينضح بما يحتوي .
فلنعلم جميعا أن عقلنا وفكرنا هو أسير لهذه العوامل المؤثرة ورهين رياحها العاتية , ودورنا هنا أن نحجم التأثير ونحاول قيادة الدفة نحو الهدف السليم ونحو ما يراه العقل مناسبا وما يعتنقه الفكر ويؤمن به ,
المؤثرات تتباين وتتضافر وتصل إلي أبعد مدى لكن العقل والفكر يظلان ورغم جميع المؤثرات القائد الأقوى و الأسمى للإنسان.
فالإنسان وإن كان هو جسد وروح لكن زمامه عقل وفكر .
