فاتن أبو سديرة تكتب :- هل ستصمد روسيا امام العزلة العالمية!؟

منذ اجتاحت القوات الروسية الأراضى الأوكرانية على خلفية النزاع حول الدعم الغربى استراتيجياً وعسكرياً لأوكرانيا التى تقع على الحدود الروسية ورغبة أوكرانيا فى الانضمام للإتحاد الأوربى وحلف شمال الأطلسى" الناتو" مما ترى معه روسيا تهديداً لأمنها القومى وتطالب أوكرانيا بنزع سلاحها وعقب اعتراف روسيا بإعلان "الدونتسيك"و "لوهانسك "دولتي منفصلتين والتى كانت تسيطر عليها الحركات الإنفصالية الموالية لموسكو .
 
منذ ذلك الحين يلوح الغرب بعصا العقوبات الاقتصادية القاسية على روسيا للتراجع عن حربها ضد الاوكران والتى يرى الغرب ان هذه الحرب تهدد اقتصاده وتضر بمصالحه فى المنطقة .

فقام باستبعاد كبرى البنوك والمؤسسات المالية الروسية من نظام" سويفت" المالى هذا النظام الذى يخدم اقتصاديات الدول من خلال التواصل الاسرع و الايسر فى تبادل المدفوعات والمعاملات المالية بين البنوك والمؤسسات المالية الكبرى مع توفير الامان والحماية الكاملة لهذه المعاملات 
كان هذا القرار ضربة موجعة للاقتصاد الروسى اضطر معه البنك المركزى الروسى بتحريك اسعار الفائدة صعودا من مستوى 9.5% إلى مستوى 20% سنويا لاول مرة منذ 2013 لمقاومة انهيار سعر الروبل معلنا انها فترة مؤقتة ترتبط بالظروف الراهنة
ورغم ذلك لم تبد روسيا الاهتمام الكاف بقرار استبعادها من نظام سويفت حيث ترى ان هذا القرار الحق ايضا اضرارا اقتصادية بالغة ومشتركة بينه وبين الغرب نفسه كما صرح سفيرها بالقاهرة فى وقت سابق ان لديهم النظام البديل لسويفت والذى سيدعم معاملاتهم المالية ويحد من تأثير قرار الاستبعاد .

كما اغلقت كندا والاتحاد الاوربى مجالهم الجوى امام الطيران الروسى واضطرت شركات الطيران المدنى الروسية الى الغاء جميع رجلاتها الى اوربا ولم تفصح حتى الان عن موعد استئنافها.

كما قام الاتحاد الاوربى كذلك بوقف بث كافة وسائل الاعلام وايقاف عمل جميع وكالات الانباء الروسية على اراضية مصرحا ان قرار الايقاف جاء بسبب تضييق السلطات الروسية الخناق على الاعلاميين والمراسلين وفرضها لعقوبات جزائية قاسية على ما تدعى انه ( نشر لاخبار كاذبة )
وعلى صعيد الرياضة تواجه روسيا رفضا دوليا واسعا على مشاركة منتخباتها الرياضية فى المسابقات و المنافسات العالمية فقد رفضت الاتحادات الرياضية لدول التشيك والسويد وبولندا مواجهة منتخبات بلادهم للمنتخب الروسى فى التصفيات المؤهلة لكاس العالم لكرة القدم بقطر 2022 وذلك قبل حتى استصدار قرار من "الفيفا" الاتحاد الدولى لكرة القدم بهذا الشأن
وحتى الفضاء الاليكترونى لم يسلم من التعبير عن موقفه ازاء الاجتياح الروسى للاراضى الاوكرانية فقامت السلطات الروسية المسئولة عن عملية تنظيم الاتصالات بحجب اكبر واشهر مواقع التواصل الاجتماعى فى العالم( الفيسبوك وتويتر) وبات الشعب الروسى فى عزلة حقيقية عن العالم حتى فى الفضاء الالكترونى وتعللت السلطات الروسية فى اتخاذها قرار بفرض هذه القيود انها مجرد اجراءات لمنع الوصول الى وسائل اعلام رسمية عبر المنصتين والسيطرة عليهما

ويأتى القرار الروسى على ردا على حجب الغرب لوسائل اعلام روسية من المتاجر الاليكترونية ( آب ستور وجوجل بلاى)

ورغم الضغوط الغربية غير المسبوقة والمتصاعدة التى تواجهها روسيا على كافة الاصعدة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية و.. و.. الخ الا انها ما زالت تمضى قدما فى حربها ضد الاوكران واصفة هذه الحرب بانها مجرد (عمليات عسكرية محدودة) تهدف الى نزع السلاح الاوكرانى لتحقيق الامن الروسى 
كما ترفض اللجوء الى مائدة المفاوضات ما لم تستجيب اوكرانيا للشروط الروسية بمغادرة المستشاريين العسكريين والمدربيين الغربيين الاراضى الاوكرانية وانهاء التدريبات العسكرية المشتركة بين اوكرانيا و"الناتو"والتخلى عن جميع الاسلحة الغربية التى تسلمتها "كييف"

فهل تستطيع روسيا الصمود امام الحلقة التى تطوقها وتعزلها عن العالم !؟ والى متى!؟
وهل سينجح الغرب بهذه السياسات بعيدا عن التفوق العسكرى فى الضغط على روسيا لايقاف الحرب ام ستدفع روسيا بعنادها العالم الو حرب عالمية ثالثة لا يعلم مداها غير الله !؟ هذا ما ستسفر عنه الحقائق على ارض الواقع فى الفترة القادمة

لكن المؤكد وبلا ادنى شك ان الحرب الدائرة الان بين روسيا وقوى الغرب وايا كانت نتائجها ستعيد رسم الخريطة العالمية وتغير النظر الى مفهوم التوازنات الدولية .