لا يعرفه الكثير ... قبة الهوا موقع أثري في محافظة أسوان
قبة الهوا هي جبل صخري يقع على الضفة الغربية للنيل بالقرب من أسوان . يبلغ ارتفاع ذلك الجبل نحو 130 مترا وبه مقابر منحوتة لنبلاء وكهنة أسوان من عهد قدماء المصريين . كما يقع على قمة الجبل الجنوبية قبر لأحد الأولياء المسلمين اسمه "سيدي علي بن الهوا " ، الذي سميت القبة باسمه . وهي ضريح أبيض ذو قبة تري من بعيد، كما يوجد أسفله بقايا دير قبطي (سان جورج).
يمكن الوصول إلى المقابر المنحوتة المرتفعة من طريقين مائلين نحو النيل على الناحية الشرقية، مستقيمان معبدان لصعود ونزول مجموعات الناس ولكل منهما جدارين حجريين . وتوجد مقابر نبلاء قدماء المصريين في ثلاثة طبقات على ارتفاع في وسط الجبل .[1] وقد فاق عدد المقابر من عهد قدماء المصريين 100 مقبرة، وكان مدفونا فيها نحو 1000 شخص من رجال ونساء وأطفال ؛ يعود أغلبهم إلى عهد الدولة القديمة و الدولة الحديثة .
تتميز قبور قبة الهوا بأنها كانت لنبلاء ومحافظي منطقة النوبة والأعيان العاملين في تلك المنطقة من عهد الفراعنة، وهي حجرات محفورة داخل الجبل، مزينة الجدران، ومختلفة الأحجام والتصميمات . تعطي زينتها المنقوشة على الجدران صورا من الحياة المعتادة أيام قدماء المصريين : مشاهد ذبح الأبقار، وتزاور الأقرباء والأصدقاء، صيد السمك، صيد الطيور وحاملي النبال وموسيقيين وغيرها .
ومن أهم تلك ما عثر عليه أيضا قوالب لتماثيل كان قدماء المصريين يستخدمونها لصب معدن البرونز ومعادن أخرى كالذهب والفضة، وصناعة تماثيل من تلك المعادن . عثر على تلك القوالب الكاملة في قارور فخارية كبيرة كانت موضوعة بجانب تابوت سوبك حتب في مقبرته بقبة الهوا ؛ وكان سوبك حتب محافطا لمنطقة الفنتين في عهد سنوسرت الثاني .
أتقن قدماء المصريين صب البرونز والمعادن الثمينة كالذهب و الفضة . ويعتبر تمثال بيبي الأول الموجود بالمتحف المصري أول تمثال كبير من البرونز من عهدالأسرة المصرية السادسة 2300 قبل الميلاد . تكمل تصورنا عن صب البرونز في عصر قدماء المصريين صور موجودة على حوائط مقبرتي مريروكا نحو 2300 قبل الميلاد و رخميرع نحو 1450 قبل الميلاد.
تشمل تلك القبور في قمة الهوا قبور النبلاء وكبار الدولة من الدولة القديمة وحتى عهد البطالمة و مصر الرومانية . ومعظم تلك المقابر يعود إلى عهد الأسرة السادسة إلى الأسرة الثانية عشر. وكانت جزيرة "أبو" - "الفنتين" حاليا - تقع على آخر حدود مصر في الحنوب، وكانت في نفس الوقت موقها تجاريا هاما وكانت مقرا لإدارة المناطق الجنوبية والاتصال مع باقي بلاد أفريقيا في الجنوب. وكان عليها "أمير" معينا من فرعون وكان في نفس الوقت أميرا للقوات المعسكرة في تلك المنطقة.
ذكر الرحالة الألماني "يوهان بوركارت" مقابر قمة الهوا في عام 1819 - وكان يعرف أيضا لدى السكان "بشيخ إبراهيم بن عبد الله" . كتب بوركارت عن استكشافاته في كتاب "رحلات في النوبة" تلك Travels in Nubia . وبدأت عمليات البحث والتنقيب في عام 1885 في تلك المنطقة . بدأ الباحث البريطاني " سير فرانسيس جرينفيل" حفرياته خلال الأعوام 1885 إلى 1886 واكتشف عدة قبور، ثم قام الباحث الإيطالي "إرنستو شياباريلي" في عام 1892 بحفريات . وعثر شياباريلي على مقبرة "حور خوف". كما اكتشف "جاك دي مورجان" عدة قبور أخرى في عام 1894 . و بين عامي 1903 إلى 1904 اكتشفت الباحثة "ليدي وليام سيسيل" عدة قبور في طبقة تعلو طبقة القبور التي عثر عليها آنذاك.
في عام 1946 بدأ عالم الآثار المصري لبيب حبشي عمليات حفرياته التي استمرت حتى 1951. وأرسلت جامعة بون بألمانيا بعثة للتنقيب وعلى رأسها "إلمار إيدل" في عام 1959 وظلت تعمل حتى 1984. كما اشترك في الحفريات "وليس بدج " والباحث المصري "محي الدين " و "ميشيل جنكينز" . الحفريات القائمة حاليا يقوم بها المعهد الألماني للآثار DAI تحت رعاية "كارل سيفريد".