فاتن ابوسديرة تكتب بين مشهد و خبر !
كنت اشاهد الفيلم العربى القديم" ايامنا الحلوة" فانا اعشق الماضى الجميل بكل تفاصيله وبخاصة سينما الابيض واسود
واستوقفنى المشهد بين الرائعتين الراحلتين فاتن حمامة وزينات صدقى الاولى تقوم بدور الفتاه اليتيمة رقيقة الحال التى خرجت من دار رعاية ايتام وتبحث عن سكن تستاجره للاقامة وقد وجدت ضالتها عند الثانية صاحبة المِلك زينات صدقى التى تملك بيتا فى حارة شعبية يعلوه غرفتان على السطح احدهما يستاجرها شباب جاءوا من الاقاليم للدراسة بجامعة القاهرة والغرفة الاخرى شاغرة تعرضها للإيجار فجاءت اليها الفتاه لتستاجر الغرفة الشاغرة ودار بينهما الحوار التالى :
-انتى يا حبيبتى اللى عاوزة تأجرى الاوضة ؟
-ايوة انا
-هتسكنى مع مين لوحدك !! فين العيله؟
-انا مليش حد
-والنبى ياختى لو فيها رزالة شوية انتى عازبة ولا متجوزة؟
-لا انا مش متجوزة
-وازاى واحدة ف سنك تسكن لوحدها
-قسمتى كده
-ايوة بس لمؤاخذه السطح فيه شباب عزاب وانتى عينى عليكى باردة
- يا ست زنوبة كل واحد ف حاله
-كان على عينى مقدرش اهل الحته ياكلوا وشى
وبعد استعطاف الفتاه والحاحها تقبل صاحبة الملك ان تؤجر لها الغرفة تعاطفا مع ظروف الفتاه
الى هنا انتهى المشهد..
ودون الاسهاب فى تفاصيل فيلم يعد من اروع ما قدمت السينما المصرية وقفت اتأمل مشهد رفض صاحبة الملك الموافقة على سكن فتاه بمفردها فى مكان قد تتعرض فيه لمضايقات من جيرانها الشباب او ينال من سمعتها هذه الجيرة كونها تسكن بمفردها رغم تقاضيها اجرة المكان مقدما
ثم خوف صاحبة العمارة من اهل الحارة الذين لن يرضيهم هذا الوضع ولن يقبلوه للمالِكة ابنة حارتهم
ولم توافق المالكة على تأجير الغرفة للفتاة الا تعاطفا مع ظروفها وبعد الحاح منها
كانت هذه اخلاق ماضينا الجميل وهذا ما كانت تقدمه سينما الماضى الجميل من حفاظ على عاداتنا وتقاليد مجتمعنا كان الماضى بحق"ايامنا الحلوة"
مشهد واحد من فيلم قديم يجعلك تحزن الى ما آل اليه حال الفن فى مصر وما اصبح يصدره للمجتمع من بلطجة وجريمة وفساد وتردى اخلاقى
وما "زاد الطين بلة" كما يقول المثل الشعبى عدت لاتصفح الاخبار فى ذات اليوم فاذا بى اطالع فى احد المواقع الفنية خبر الاعداد لمسرحية جديدة ستقوم ببطولتها الفنانة الهام شاهين وما ان وقعت عيناى على اسم العمل حتى اصابنى الذهول بل الغثيان من اسم المسرحية الصادم "الم…مس الفاضلة " !!(واعتذر لعدم كتابة اللفظ كاملا)فالمسرحية مأخوذة عن رواية قديمة للفرنسى "جان بول سارتر" الرواية باسم "الساقطة الفاضلة" وليتهم احتفظوا باسم الرواية الاصلى لكنهم اختاروا لها اسما وضيعا مخزى لا تقبله اى رقابة نظيفة محترمة فى اى مكان
كان من الممكن التحايل على اسم الرواية باختيار لفظا اهون واخف وطأة تتقبله الاداب والذوق العام للجمهور
فقد سبق و اعترضت الرقابة على اسم مسرحية لفيفى عبده كانت تحمل اسم "حزمنى يا بابا" وتم تغييره بالفعل وعرضت المسرحية تحت اسم " حزمنى يا…" احتراما لقيمة الاب فى الاسرة
وسبق ان تكرر رفض الرقابة لاسماء اعمال فنية اكثر من مرة لاسباب تتعلق بالاداب العامة وقبول المجتمع
فإلى اين تجرنا فنون هذه الايام بما تقدمه !
وما الذى تلقيه هذه الفنون على اسماع المتلقى من الفاظ وعبارات يساعد الفن على انتشارها بدعوى الابداع لتصير سهلة التداول على السنة العامة !!
فهل ستسمح الرقابة بتداول مسرحية تحمل هذا الاسم وتجيز تداوله !؟
ايها العاملون بالحقل الفنى رفقا بنا وبمجتمعنا وبابنائنا وكفانا ما سقط عبر الزمن من عادات وتقاليد واخلاق كانت جميله فلنبق على ما تبقى منها ونستمسك به
ويبقى الأمل قائما فى استفاقة تطال اهل الفن
طالما هناك اقلاما ما زالت تكتب واصواتا باقية تندد بما ترى من مهازل اهل الابداع عساها تجد صدى فى ضمير رقابى او اذانا صاغية لدى مسئول فى هذا القطاع المؤثر ومصر بخير ان شاء الله