محمد الخضيرى يكتب لماذا اخترت أن أكون صحفياً ؟!
منذ نعومة أظافري عندما كنت أسال السؤال التقليدي من قبل الأهل والمعارف " نفسك تطلع أيه لما تكبر " كنت أجاوب بلا تردد "نفسي أبقي ضابط شرطة أو طيار "، وظلت هذه قناعاتي وأمنياتي حتي سن ليس ببعيد إلى أن فقدت الأمل في العمل بإحدى المجالين سواء الطيران أو الشرطة ، نظرا لسلوكي المسار التعليمي الطبيعي وأيضا لظروف أسرية حالت بيني وبين ما كنت أتمني ، حتي وجدت نفسي وصلت الى آخر المرحلة الإعدادية وعليا أن أحدد اختياراتي ورغباتي التي سيبني عليها مستقبلي حتي لا أجد نفسي فريسة سهلة لكل صاحب هوي أو شخصا يريد أن يحقق طموحه على عاتقي من خلال إقناعي بالدخول في أحد المجالات أو الكليات التي ربما بل غالبا لن تتوافق مع ما أطمح اليه ، ومع دخولي مرحلة الثانوية العامة وجدت نفسي أكثر حبا وميلا الى مجال الصحافة وقراءة ومتابعة الأحداث في الداخل والخارج ، حتي أنني كنت أشاهد نشرات الأخبار و أشتري الصحف الورقية مع أن هذا ليس ربما المسار الطبيعي لشاب في سني ، ومع تقدم السنين ودخولي المرحلة النهائية في الثانوية العامة ازداد تعلقي بالمهنة أكثر و أكثر وأصبحت متيقن بدخولي مجال الاعلام والصحافة ، سواء عن طريق احدي كليات الاعلام أو حتي في حالة حصولي على مجموع صغير الالتحاق بكلية الآداب قسم الاعلام ، ورغم عدم وجود الجو المناسب في المجال الصحفي والاعلامي في ذلك الوقت بل وربما حتى هذه اللحظة علاوة على عدم تقبل فكرة دخولي هذا المجال من قبل الأهل والأصدقاء، الا أنني وجدت نفسيي أكثر اصرارا على تحقيق ما تمنيت ، وشعرت بأن مجموعي العالي في الثانوية آنذاك هو رسالة من الله عز وجل لي لأكمل حلمي الذي حلمت به ، حتي أكمل الله عز وجل بفضله الذي لا ينقطع بانضمامي لكلية الاعلام جامعة بني سويف وامضيت بها سنوات لا تنسي ، ولكن دائما ما كان يراودني سؤالا أثناء فترة الدراسة ، وما بعدها لماذا أنا اخترت هذا المجال لماذا تمسكت بمهنة " البحث عن المتاعب " كما يقولون ؟؟ ، في الحقيقة أني توصلت للإجابة في الفترة الأخيرة فقط وهي أنني أحببت مجال الطيران لما فيه من مغامرات وأحداث واطلاع على حقائق وتطورات العالم في شتي المجالات بالإضافة الى التحليق في الآفاق البعيدة ومعرفة الثقافات المختلفة ، وأيضا أحببت مجال الشرطة فذلك الرجل ذو البدلة البيضاء أو السوداء صاحب المقام الرفيع الذي يقوم على خدمة الناس وتطهير المجتمع من عناصر الفساد والخراب ، مقدما يد العون والمساعدة لكل من يحتاجه من قريب أو بعيد محتسبا الأجر كله عند الله سبحانه وتعالى واضعا روحه على كفه حماية لدينه ووطنه وشعبه الذي وثق به وتلمس فيه يد الحفظ والأمان بعد الله سبحانه وتعالى ، من أجل كل هذا وجدت أنني أميل الى مجال الصافة والاعلام ، فذلك المجال هو الذي جمع بين الحسنيين ( الطيران ، والشرطة ) فقد لامس هذا المجال كل شيء جميل في قلبي من حب الاطلاع والبحث والتنقيب في الاحداث والأخبار في الداخل والخارج ، ايضا لامس هذا المجال رغبة ملحة لدي وهي حب مساعدة الأخرين والعمل على حل مصاعبهم والاهتمام بالانغماس في أحوال الناس ومعرفة ما يدور في عقولهم وهذا ما كنته ارجوه من مجال الشرطة .
لذلك فقد جمعت الصحافة بين ما أحب في مجال الطيران والشرطة تلك أحلام الطفولة والتي ها أنا ألامسها الان من خلال عملي الصحفي، تلك المهنة السامية ، والتي أن أعطاها صاحبها حقها كانت مثل منزلة الأنبياء والرسل من حيث التبليغ ونقل الأخبار والمعلومات دون تزييف أو تضليل للواقع ، فهذا ما يريده المشاهد او القاري لوسائل الاعلام والصحف ، أن يعرف من الاعلامي أو الصحفي ماذا حدث ؟؟ وليس رأيه فيما حدث ، فبالتالي هذه المهنة شديدة الخطورة لا نها ربما تبني وعي فرد أو مجتمع تجاه قضية ما أو موضع محدد من خلاله يكون الفرد وجهة نظر ربما من الصعب تغييرها فيما بعد .
ومع الوضع الحالي لمهنة الصحافة في مصر وما تعانيه من قلة الموارد ودخول أصحاب الأهواء والمصالح الشخصية الى المجال وسيطرة النفوذ و الأموال ، ابتعدت صاحبة الجلالة كثيرا عن دورها الحقيقي والأساسي في تقديم العلم والعرفة ومساعدة بساط الناس على توصيل صوتهم الى اصحاب الشأن من السادة المسؤولين ، مع احترام جميع أدبيات مهنة العمل الصحفي التي تعلمناها في الكتب والمقررات الدراسية حتي لا تصبح مجرد " كلام على ورق " ولكن يظل بداخلي أمل أن تعود الصحافة تلك المهنة الراقية الى جميل أصلها ناصرة للمظلوم وسيفا على رقبة الظالم إن استبد أو تجبر بغير وجه حق .... وللحديث بقية