التبرع بالأعضاء بعد الموت بين رفض المبدأ نفسيا وجوازه دينيا
أثار اعلان الفنانة الهام شاهين ومن بعدها الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي بالتبرع بأعضائهم بعد الموت حفيظة الكثير من الناس خشية أن يكون هذا الفعل أمر شائع تضيع به حرمة الميت بعد وفاته ، إضافة لمن يرفض هذا الفعل جملة وتفصيلا باعتبار أنه ليس له أي دليل سند ديني من الكتاب والسنة ، ما يفتح الباب أمام الدخول والتغول فى مجال الأتجار فى الأعضاء ونبش القبور بحثا عن أعضاء يمكن الاستفادة منها ماديا .
على الجانب الآخر يري عديد من أهل الطب أن التطور التكنولوجي فى مجال الطب وزرع الأعضاء يفتح مجالا واسعا للحفاظ على النفس البشرية ، حيث أن هناك العديد من الحالات الحرجةالتي تحتاج الى زارعة عضو حيوي وفى وقت سريع للحفاظ حياة هؤلاء البشر ، خاصة أن تلك الأعضاء لم تؤثر على الشكل الظاهري للمتوفي .
من جهتها قالت دار الافتاء المصرية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إذا توافرت فيه شروط معينة لا تعد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرمه الله ولا تحوله إلى قطع غيار تباع وتشترى، بل يكون المقصد منها التعاون على البر والتقوى وتخفيف آلام البشر، وإذا لم توجد وسيلة أخرى للعلاج تمنع هلاك الإنسان وقرر أهل الخبرة من الأطباء العدول أن هذه الوسيلة تحقق النفع المؤكد للآخذ ولا تؤدى إلى ضرر بالمأخوذ منه ولا تؤثر على صحته وحياته وعمله في الحال أو المال.مضيفة أنه يكون من باب إحياء النفس الوارد فى قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، ويكون من باب التضحية والإيثار أيضا اللذين أمر الله تعالى بهما وحث عليهما في قوله سبحانه: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).ووضعت دار الإفتاء، شروطا في حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وعدد من الضوابط لكى يرخص في نقل العضو البشرى من الميت إلى الحى، وهي:
- أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته موتا شرعيا، وذلك بالمفارقة التامة للحياة، أي موتا كليا، وهو الذى تتوقف جميع أجهزة الجسم فيه عن العمل توقفا تاما تستحيل معه العودة للحياة مرة أخرى، بحيث يسمح بدفنه، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي أو ما يعرف بموت جذع المخ أو الدماغ، لأنه لا يعد موتا شرعا، لبقاء بعض أجهزة الجسم حية، إلا إذا تحقق موته بتوقف قلبه وتنفسه وجميع وظائف مخه ودماغه توقفا لا رجعة فيه، وكان عمل بعض أعضائه إنما هو إلى بفعل الأجهزة، وتكون روحه قد فارقت جسده مفارقة تامة تستحيل بعدها عودته للحياة، لأنه حينئذ لم يعد نفسا حية.
ونوهت دار الإفتاء، إلى أن التحقق من الموت بناء على ما سبق يكون بشهادة لجنة مكونة من 3 أطباء - على الأقل - متخصصين من أهل الخبرة العدول الذين يخول إليهم التعرف على حدوث الموت، وتكون مكتوبة وموقعة منهم، ولا يكون من بينهم الطبيب المنفذ لعملية زرع العضو المراد نقله، وهذه اللجنة يصدر بها قرار من الوزير المختص، فإذا لم يمكن - من قبيل الصناعة الطبية - نقل العضو المراد نقله من الشخص بعد تحقق موته بالشروط المذكورة فإنه يحرم حينئذ النقل، ويكون ذلك بمثابة قتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق.
ومع هذا التعدد فى الاراء يظل العديد من الناس فى حيرة من أمرهم حول موضوع تبرع الميت بأعضائه بعد الموت