عبدالحى عطوان يكتب:- أبحثوا بينكم عن هذة المرأة !
#جلست تلك الأم المسكينه خلف ذلك الباب الخشبى المصنوع من أعواد النخيل، والمسدوده ثقوبه بورق الجرائد، حتى لا تعبر منه تيارات الهواء للداخل، فهى لا تملك سوى هذة الغرفة الوحيدة، والمبنية بالطوب اللبن على أطراف القرية ، كورت جسمها بين ضلوعها، تحتمى خلفه واضعة يديها أسفل رأسها ليأخذها التفكير مثل كل ليلة همآ فوق هم ، فدخول المدارس على الأبواب والشتاء قادم وبرودة الصقيع، هذا العام ليست مثل كل الأعوام ،فما عادت الأيام تمر و لاتحمل سوى غربة البشر، والمكان، والزمان، وقسوة العوز والإحتياج، فهى لا تملك اى مقومات للحياة !!
#سماح الأبنة الوحيدة لذلك الأب الذى غادر الحياة دون أن يترك لهم ميراثآ، أو سكنا ، فقد كان على باب الله، لم تعيش أيام طفولتها مثل كل البنات ،فقد نشأت وكبرت على وظيفة عاملة باليومية عند خلق الله، وبمجرد نضوج أنوثتها تخلصت منها الام وكأنها ترتاح من همها وزوجتها لأول رجل دق بابهم لم يكن غنيآ، أو حتى متوسط الحال، أيضآ كان أرزقيآ يدبر قوت يومه بالمحال، جالت بنظرها إلى أولادها الثلاثة الذين تركهم الأب عندما ضاق به الحال وسافر بلاعوده أو سؤال أو إتصال وكأنه فى تعداد المفقودين دون أستئذان، تنهدت والألم والحزن يعتصرها، وهى تراهم تلتحم أجسادهم معا هربآ من الجوع، وعدم وجود الغطاء ،فهى لم تعتاد السؤال من الناس أو طلب العطاء !
#أخذها التفكير كيف تدبر حالها فعزمت العقد على الذهاب غدآ للمدينة لحياكة أحذيتهم القديمة، والشنط الباليه التى مضى عليها سنوات وسنوات، أستعدادآ للعام الدراسي، ومع بزوغ الشمس وقدوم الصباح طارت إلى المدينة أخذتها قدماها حتى وقفت أمام محل ذلك الرجل، الذى يبدو فى الستين من عمره، يضع فوطة فوق رجليه، يرتدى نظاره من النوع السميك، رفع عينيه من أسفلها وهو يلضم فتلة سوداء داخل إبرة من ذات الفتحات الغليظة، قائلاً ماذا تريدين ،سلمته الكيس الذى تحمله وبداخله كل المتعلقات ،أخذ يقلب كل الاشياء الشنط و الأحذيه ،وبادرها بالسؤال ماذا تريدين؟ هذه باليه لا تصلح للحياكة مرة أخرى ، أستعطفته بالكلمات ليحاول الإنقاذ ،نظر إليها فإذا بالدموع تترقرق فى عينيها قالت وهى تناجيه انا لا أملك من المال شراء البديل ،صمت ثم لبس نظارته مرة أخرى متمتمآ ببعض الكلمات فى نفسه ،غادرت المسكينة محل الإسكافى خطت بخطوات ثقيلة ناحية موقف السيارات تنظر للمحال الفاخرة وللأشياء المعروضه تلك الملابس، الأطعمة،كل المقتنيات ، وهى تسال نفسها ألف سؤال وسؤال ؟ وقبل أن تغادر المدينه الفارهة وقفت أمام بائع الطعميه تطلب منه بالجنيهات القليله التى تبقت معها ذادآ للاولاد لترى الفرحة فى عينيهم لحظة لقائهم
جاء الليل وتوارت المسكينة خلف ذلك الباب الخشبى وعادت مرة أخرى للتوهان، ولنفس السؤال وماذا بعد ! هداها تفكيرها أن تذهب غدآ إلى إحدى الجمعيات التى طلبت من قبل عددآ من الأوراق والمستندات ،لعل وعسي يكون لديهم الجواب ، لتصل قصتها إلى مسامعى من أحد الأصدقاء
#وفى النهاية قصة سماح ليست قصة من نسج الخيال وأنما هى قصة واقعية، لشريحة كبيرة من آلاف السيدات، يقطنون بيننا مطلقات . وأرامل لهم ظروف خاصة يختبئون داخل أنفسهم لكل منهم ألف حكايه وحكاية
وعلينا اليوم أن نحاسب أنفسنا أولآ ، ونكاشف الضمير الإنساني للمسئولين بلا عبارات منمقه أو خطط مستقبلية ونطرح السؤال المسكوت عنه أين التضامن من هؤلاء؟ أين رجال الأعمال؟ أين الجمعيات والمؤسسات ؟ أين التشريعات المنصفه لهؤلاء ؟