فاتن أبو سديره لأول مره تكتب "للخبر الفورى" السوشيال ميديا بين الإدانة والتبرئة
خلال السنوات الأخيرة ألقت إلينا التكنولوجيا الحديثة فى بحر المعارف والعلوم منذ أكثر من عقد من الزمان، ما أصطلح على تسميته (بالسوشيال ميديا )، أو شبكات التواصل الإجتماعى من فيس بوك إلى تويتر إلى منصات اليوتيوب وتيك توك و… الخ،
وما أن بدت فى الأفق حتى سرت بين الناس صغاراً وكبارآ ، سير النار فى الهشيم، فما عدت ترى يدآ إلا وهى ممسكة بأحد هذه الأجهزة التى يطلق عليها (سمارت)، تقلب فيها اليد بإغراق وتركيز وبلاشك أنها رغم أهميتها اليوم إلا أنها لها مناقب ومثالب عدة، نضعها بين يدى القارئ، ليوازن موازنة أمينة يحاول أن يقيم من خلالها تجربته مع السوشيال ميديا تقييماً موضوعيآ، وهل هذا اللون من التكنولوجيا عاد عليه بالنفع أم عانى وغيره من أضراره !!؟
فإذا بدأنا بفوائدها....
فبلاشك يكون أولها الإطلاع على مجريات الأحداث و الأمور فى أى مكان ففى عصر السماوات المفتوحة لم تعد مضطراً أن ترابط بمنزلك مصغيآ، لجهاز الراديو، أو محدقآ فى شاشة التلفاز أمامك تقلب بين محطاتها بحثا عن خبر أو لمتابعة حدث ما ،بل أصبحت تكتفى بهاتفك الجوال، وبلمسة واحدة أنت فى قلب الحدث، مشاهدآ، أو معلقاً أو حتى مشاركآ، آيا كان المكان والزمان، طالما هذا الحدث فى دائرة أهتمامك،
كذلك سهل عليك التواصل مع الآخرين أينما كانوا من أى عرق، أو لون أو هوية، فأصبحت حرآ فى مشاركتك للآخرين، سواء هم على مقربة منك أو أقصى نقطة من العالم، أبتعادآ تحدثهم وتراهم، كيفما شئت، وقتما شئت، بخصوصية تامة دونما وساطة أو رقابة من أية جهه أيآ كان موطنهم أو جنسهم،أو أيديولوجياتهم طالما رغبت بالتواصل معهم،
أيضاً بث التجارب والمواهب والقدرات المميزة، فإن كنت ذو قدرات خاصة مميزآ فى مجال ما أو لديك موهبة فى جانب معين، فبإمكانك اليوم طرح قدراتك، وموهبتك، بل وتتلقى تقييمآ فورياً لها من خلال المشاهدة والإستماع والتعليق من الأخرين أو المتخصصين،
بالإضافة إلى الدور الذى تقوم به فى التعبير بحرية عن الرأى ومناقشته ونقله للعامة، من مناقب هذه الشبكات،فاليوم تستطيع أن تنقل رأيك وتنشره على الملأ، لمن ترغب وتعبر عنه بحرية تامة، دون تدخل أو سيطرة سوى من عقلك، أنت بل إن كنت قائداً ملهمآ أو رائداً فذآ فيمكنك خلق رأيآ جمعيآ لموضوع، أو فكرة ما فى إتجاه معين والتاثير على الرأى العام وتوجيهه،
كذلك مكنتنا هذه الشبكات من التنقل بحرية ،فوسعت التكنولوجيا وسائل التواصل بمختلف أشكالها من حرية الحركة، فأنت لست مرتبطاً بمكان ما ،فى إنتظار معلومة أو خبر بل لك أنت تتحرك كيفما شئت، فما هو إلا جهازاً لا يجاوز كف اليد حجماً يجعلك تنتقل إلى حيثما شئت بكل سهولة ويسر، دون أن يفوتك حدث تود متابعته،
كذلك خدمت هذه الشبكات عمليات التسويق الإلكترونى بشكل جيد ،فأصبحت اليوم لا تحتاج لتسويق منتجك أو مشروعك إلى موقع أو مكان مميز وتكاليف لتهيئته للغرض المرغوب، بل يكفيك عرض منتجك، أو نشاطك بصورته على أحد هذه المنصات لتتلقى عروض الشراء، وتتواصل مع الراغبين فى إقتناء منتجك، تواصل فورياً مما ضاعف عملية الرواج التجارى وساعد فى تحسين الوضع الإقتصادى للكثيرين،
وبرغم كل هذه المزايا والمنافع التى قدمتها شبكات التواصل الإجتماعى للعالم إلا أنها لم تخل من عيوب ومساوئ، والتى قد يصل بعضها لحد الخطورة على الأسرةوالمجتمع فيعد إهدار الوقت، أولها فشبكات التواصل قاتل صامت للوقت، فما أن تلمس الشاشة حتى تنقلك إلى حيث تحب فتجد ساعات يومك أوشكت على الإنقضاء فتركت عبادة أو أخرتها نسيت موعداً أو أرجأت عملآ ما كان عليك إنجازه،
كذلك تقلص الوقت الذى كان بإمكاننا فيه ممارسة عمل مفيد، كقراءة، أو رياضة أو هواية معينة، كما قلت العلاقات الإجتماعية وتأثرت بشكل واضح سواء على المستوى الأسرى أو الإجتماعى، فأصبحت اللقاءات قصيرة فاترة، تفتقد للدفء والحميمية، نلتقى ونجلس سويآ وما هى إلا لحظات ويحدق كل منا فى هاتفه لننفصل للأسف عن جلستنا وذوينا ،
كما دعمت شبكات التواصل وبشكل كبير ظاهرة الإشاعات بل وترويجها بصورة واسعة، وهى من أكبر المساوئ التى ساعدت هذه الشبكات كثيرآ على تفشيها، دونما التحقق من مصداقيتها،خاصة فى بلد كمصر، للأسف ما زالت نسبة ليست بالقليلة تحتاج الى تعليم جيد، وتوعية ثقافية، للتفرقة بين الغث، والسمين أو الجيد والردئ ،
كما يعد الخطر الأكبر لها، للأسف مشاركتها للأسرة فى تربية أولادنا ،هذه ليست مبالغة، بل حقيقة وصادمة، فإن لم يكن الوالدين على قدر جيد، من الثقافة والوعى والتوجيه الجيد، والمتابعة للأبناء لدخلت عليهم ثقافات غريبة، عن تقاليد مجتمعاتنا وأعرافها ،وتلقفوا المواقع الصفراء ،سواء تطرف دينى، أو سياسى أو مواقع إباحية دونما رقيب أو موجه لهم،
كذلك تلعب السوشيال ميديا دور كبير فى طمس الحقائق،
فأصبحت اليوم بحاجة للبحث والتدقيق، فيما ترى أو تقرأ من خلال السوشيال ميديا باحثاً عن الحقيقة، فقد يكون الهدف فيما ينشر من خلاله حصد ( الشير واللايك )، حتى وإن كان ما ينشره مخالف للحقيقة،حتى الصور التى تراها عيناك أصبحت تعدل وتركب بفنيات وتقنيات بعض التطبيقات كالفوتوشوب،وغيره ومن الصعوبة بمكان لغير المتخصصين كشفها
كما أنها تشارك أحياناً فى تشويه متعمد، لشخصية ما سواء شخصية حقيقية، أو أعتبارية وهذه إحدى عيوبها الفادحة ،فأحيانا تدور عبر هذه الصفحات حربا ضروس ضد شخصية، ما أو مؤسسة أو منتج تحاك حولها قصص وروايات للإيقاع بها، وبسمعتها ومناشدات بمقاطعات لهذا، أو ذاك تقف أمامها حائرا هل يكون هذا بغرض إظهار حقيقة ما أو بهدف خلق منافسة أم مجرد حرب يقوم بها حزب أعداء النجاح لإفشال عمل ناجح ورائج،
لكن يظل علينا جميعا محاولة تقصى الحقيقة بالبحث، والتدقيق فى مصدر الخبر أو المعلومة ، وهو ما يفتقده الكثير منا للأسف،
كما أن علينا ألا نغفل متابعتنا لأبنائنا متابعة حريصة وحذرة دون أشعارهم بمراقبه صارمة تنفرهم من مشاركتنا، فيما يرغبون فى متابعته عبر السوشيال ميديا، وكذلك الحرص على وقتنا وعدم أهداره فيما لايفيد لكن تبقى السوشيال ميديا سلاحاً ذو حدين هى أقرب لكأس فارغ تملؤه بما شئت أما أستطعت تطويعه لصالحك أو كان وبالآ عليك ،
والله الموفق