18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب :- رحلت الجاره تاركه لنا الذكريات

5:40pm 17/09/21
الاعلامي عبد الحي عطوان
كتب /عبد الحي عطوان

 

دق جرس هاتفى وإذ بالكلمات جاءت مضطربه والحروف متعلثمه نحن أمام أبواب المستشفى العام هل تستطيع القدوم إلينا ،جريت مسرعآ فخلال دقائق معدودة كنت داخل جدرانها، على أمل تقديم المساعده، نظرت إليهم بدت كل الوجوه حزينه ،أدركت مدى خطورة الحاله ،وضعوها على سرير الإستقبال بدت وكأنها بنت الثمانين من عمرها، برغم أنها لم تتجاوز الخمسين ،شاحبة اللون منكمشة داخل جسدها النحيل، يكسو وجهها إصفرار الموت، تنساب قطرات العرق من فوق جبينها، تحاول إلتقاط أنفاسها، بصعوبه هرولنا بها للداخل مسرعين، وانا أسمع خلجات أنفاسها، وطقطقة صرير أسنانها، تمددت وسرعان ما وضع الأطباء فى أيديها وفوق صدرها العديد من الأسلاك ،إلتى تنتهى بالأجهزة الطبية المعلقه أعلى رأسها كانت كل أجابات الأطباء توحى بأنها اللحظات الأخيرة، وقفنا خلف ذلك السور الزجاجى نراقبها ونرصد محاولات إنقاذها، نهمهم بيننا وبين أنفسنا ونصلى إلى الله بالدعاء، نظرت إليها وإذ بشريط رحلتها ينساب صورآ داخل ذاكرتى فهى أنسانه جمعت كل الصفات الطيبه حتى لقبت بالأم الحنون ، كان منزلها مفتوح ليل نهار، لم ترد سائلآ يوماً ما ،وإذا بها تتقلب من شدة الألم لتتنقل بعيناها الذائغتان ما بين جدران الغرفة وسقفها، فى محاولة للتعرف على وجوه الموجودين،حتى تاهت نظراتها بعيداً ثم أغلقت جفونها لتستريح، طلب منا الأطباء الهدوء أو الإنصراف جلست أنا على ذلك الكرسي الوحيد الموضوع بعيدآ عن  باب العناية لإسترجع بذاكرتى محطات رحلة تلك المسكينه وذلك العمر المنقضى والذى أوشك على الغروب فأنا أعرفها جيداً فقد تجاورنا فى المنزل والغيط منذ نشأتنا ،تذكرت حينما كانت طفله صغيرة، وأستيقظ الجميع على صوت الصراخ يجلجل أركان المنزل القائم بالجوار، فقد رحلت الأم وتركتها ومازالت خصلات شعرها ضفائر صغيرة تتدلى فوق كتفيها، بعد معاناة مع المرض دون أن تفهم الصغيرة معنى الوداع، مرت عليها الأيام وهى تشاهد الأطفال تلعب بالساعات مع أقرانها، أمام ذلك المنزل المبنى بالطوب الأبيض ذات البوابة الخشبية والمسقوف بعيدان النخيل ،والكائن وسط مبانى القرية دون أن تستطيع الإقتراب منهم أو اللعب معهم فهى اليتيمه التى كسا حياتها الحرمان مبكرآ، تذكرت صوت والدها حينما كان يترامى إلى مسامعنا من خلف ذلك الشباك الخشبي المفرغ الألواح، ينهرها مرات طالبآ منها الذهاب معه لمعاونته فى جلب البرسيم وأعمال الحقل، سنوات وسنوات وهى تخطوا خطواتها أمامنا فى هدوء مرددة كلمات نعم دائمآ حتى جاءت اللحظة التى لم تفلح كل محاولاتنا مع والدها بإدخالها المدرسة كأقرانها، توارت الصور خلف بعضها  وتراكمت سنوات العمر، فقد بدأت تتغير ملامحها فأتسعت العينات وأذدادت بريقآ، ونما الجسم وأستدار، الذى كسا ملامحه الحزن، سنوات وهى تكبر أمامنا وما أن ظهرت عليها ملامح الأنوثه، إلا وسرعان ما قرر والدها والأهل زواجها من إبن العم، ذلك الفلاح الصارم فى ملامحه ذو الشارب العريض والجبهة السمراء، والذى لم يرتاد المدارس ،عاشت أولى سنوات زواجها محاولة أن تبنى لها بيتآ بالطوب الأحمر كالجيران ، وقفت الذكريات قليلآ عند تلك اللحظة التى جاءت فيها للسلام على، عندما قررت الرحيل من تلك القرية، والذهاب للمدينة الصاخبه من أجل الدراسة والعمل، وكيف كانت تمسح دموع الأم وترتب على يديها مخففة من وطأة القرار، فقد كان الرحيل للمدينة وقتها أشبه بقرار الانفصال ، مرت بنا السنين وأخذتنا دوامة الحياة، وأنقطعت عنى أخبارها، حتى قابلنى أحد أقاربنا والذى جاء للمدينة يجمع مقتنيات جهاز أبنته العروس،فروى لى كيف أصابها ذلك الفيروس اللعين، الذى بات ينهش فى جسد أغلب ألمصريين، ورحلتها ما بين المستشفيات من أشعة وتحاليل وأوامر الأطباء ومرارة الدواء، توقفت قليلآ عن الذكريات، ونظرت إليها، على أمل أن إلتقط أى ضوء بعينيها، ولكنها كانت تائهة تتألم دون أن تنطق أى كلمات، أدركت أنها راحلة لا محال مهما حاول الأطباء ،وإذ بها تحرك عيناها لحظات متنقله بين الوجوه من خلف الجدران، ثم أغلقت جفونها ورحلت فى هدوء دون كلمة وداع دون كلمة عتاب، ماتت وهى تشبه بموتها آلاف كل المصريين الذين يموتون بين جدران المستشفيات، حاولت الوقوف البكاء، الصراخ،التقاط الأنفاس النطق بأى كلمات ، لم أستطع فلم تحملنى قدماى، فأدركت أننا  لا نملك حتى مجرد السؤال لماذا يرحلون سريعآ تاركين من خلفهم للألم والحزن ولحظات الفراق

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn