النفاق مرض العصر
النفاق والمداهنات، والمجاملات الزائفة أحد أمراض القلوب ، وهو مرض لا يخلو عصر ولا مكان منه منذ أن بدأ الله الخليقة إلى يومنا هذا، ولذا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة علامات وآيات النفاق ، وربط صلاح الجسد بصلاح القلب وتطهيره من هذا المرض وغيره ، فقال صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب )
وصلاح القلوب يكون بتطهيرها من الأمراض العالقة بها كالنفاق والحسد ، والكبر وغيرها .
وسر خطورة هذا المرض أن خطره لا يقع على صاحبه بل ينال به غيره، فتجد المنافقين هم أقرب الناس إلى رؤساء العمل، والقادة والحكام ، وأصحاب الوجاهة والنفوذ والمال ، يتسللون إلى مجالسهم ، يكونون أقرب الناس إلى آذانهم ، يطلبون مودتهم ، ويلتمسون عطاياهم وهداياهم. سواء أكانت عطايا عينية أم عطايا معنوية متمثلة في المدح والثناء وغيرها .
فهم يتخذون الكذب والوشايات والدسائس سلمًا من أجل الوصول إلى غرضهم، ونيل مطيتهم، ويأتي هذا الأمر على حساب غيرهم من أقرانهم وأندادهم ، فهم يسعون للنيل منهم من أجل إبعادهم وإقصائهم وتشويههم، وإخراجهم في صورة الأراذل ضعاف العزيمة خائري القوي .
وهذا إن دل فإنما يدل حماقة هؤلاء المنافقين وضعف بصيرتهم وقلة عزيمتهم ، فلقد صح عن ابن القيم رحمه الله أنه قال ( ينبت النفاق على ساقيتين : ساقية الكذب وساقية الرياء ، ومخرجهما من عينين عين ضعف البصيرة ، وقلة العزيمة ) .
وورد عن سيدنا عمر بن عبد العزيز أنه قال لجلسائه ذات مرة :( أتدرون من الأحمق؟ قالوا : الأحمق من باع آخرته بدنياه ، قال ألا أخبركم بمن هو أحمق منه قالوا بلي . قال : من باع آخرته بدنيا غيره) .