عبدالحى عطوان يكتب :- مأساتى ما بين طلاقى وعلاج أختى والتأمين الصحى
لكل منا معاناته الخاصة التى يشعر بها أوقات أزمته، ويظن أنها أكبر مصائب الدنيا ،بينما الحقيقة التى لا ندركها قد تغلق أبواب مساكن غيرنا على الآم أكثر من أحتمالنا، فما يجري داخل جدران المستشفيات وأروقتها يبقى سرّاً بداخلها، وأحيانآ نعرف بعضها عندما يُقرر الأهل أو بعض المرضى رفع أصواتهم ومشاركة تجاربهم وقصصهم الحزينة والموجعة، إلا أن الجزء الأكبر يبقى مدفوناً هناك دون جدوى.
#بدأت حديثها معى قائلة
أتمنى أن تساعدنى ..أنا الأخت الأكبر لثلاثة من الإخوة ولدان وبنت، نقطن داخل مدينة طهطا بأحد المناطق الشعبية،شاءت الأقدار فقد تزوجت رجلاً خارج المدينة فى محافظة أخرى ،وضعت فيه كل ثقتى بعد والدى، ولكن لتفاصيل كثيرة لا أتمنى الخوض فيها، طلقت منه بعد زواج دام أكثر من عشرة سنوات، وعدت إلى مدينتى أحمل تجربة مؤلمة قاسية على النفس البشرية بدون أولاد وبدون أى تأمين للمستقبل ...
#لم تمضى سوى أيام قليلة وكانت صدمتى الآخرى، التى جعلتنى أشعر بحجم مأساتى، حيث توفى والدى الذى لا أعرف فى الحياة رجلاً سواه وزوجى السابق ،وجدت نفسي مسئولة عن الأسرة بكافة تفاصيلها، وأنا بدون أى مقومات، روادنى تفكيرى أن أبدا رحلة البحث عن عمل أو أى وظيفة، فأنا أحمل مؤهلا جامعياً وأجيد لغة الحسابات، ولكن باءت كل محاولاتى بالفشل لأن الوظائف ببلدى أصبحت لها شروط فوق طاقة البسطاء، أم أن تدفع مبلغآ كبيرآ من المال أو تكون لديك واسطه أقلها مستشار أو عضو بالبرلمان، ونحن أسرة من داخل المناطق الشعبيه،
توقفت عن الكلام لحظات أخذت نفسآ عميقآ ثم استطردت قائله .. بصوت ممزوج بالألم وعينان بدأت تترقرق بداخلهم الدموع
كانت أختى فى أولى المراحل الجامعية، تزهو مثل كل البنات تقابل الدنيا بأبتسامة تملآ وجهها وأملآ فى مستقبل تزينه الأحلام، دائما تهزر وتملأ جبينها الضحكات وتردد أنا لا أختار عريسآ مثلك يوماً ما ،
#بدأت مأساتها ومأساتنا فى صباح يوم ما حينما أصيبت بنوع من الحمى، تناولت على أثره علاجآ أدى إلى أصابتها بشلل رباعى بالأطراف، كان تصميمها على أكتمال تعليمها دافعآ كبيرآ لأكافح بكل طاقتى معها حتى أنهت تعليمها الجامعى، أيامآ كثيرة محموله على الأكتاف وأيامآ محموله على كرسي متحرك ،حتى كانت فرحتى حينما جاءها التعيين للعمل إدارية بأحد المدارس، ومع صباح كل يوم أبدأ رحلة أخرى من المعاناة من الذهاب معها والذهاب لعودتها آخر النهار، كنت أراقب عيناها تنظر إلى زملائها والى كافة البنات، وتشيح بوجها بعيدآ دون أن تطرح ما بداخلها من تسؤالات،
#وهنا قادنى تفكيرى للذهاب بها إلى مركز المشتاوى بأسيوط وبعد الفحوص والتحاليل قرر أنها تحتاج إلى عملية دقيقة ولكن تكلفتها فوق طاقتنا، ونصحنى أطباء مركزه بالتامين، أو السفر للخارج على نفقة الدولة ،رجعت أحمل آلاماً أخرى وعدد من الشجون الكثيرة التى فتحت بداخلى كل الجروح الغائرة التى لم يداويها الزمن ...
#بدأت رحلتى الأخرى من المعاناة والألم ،حينما أخذت قرارآ بإجراء العملية على نفقة الدوله حيث أشارت على صديقتى بالاتصال بأحد الصحفيين أو أحد النواب، وبالفعل قمت بالإتصال بأحد نواب الدائرة الرابعة شمال (ن ف.ع) الذى رحب مرددآ قائلآ خدامك، أحضرى لى تقرير لجنة ثلاثية وأنا متكفل بباقى الإجراءات ،
حملتها على أكتافى داخل سيارة برفقة أحد أبناء العائلة وذهبنا للمستشفى العام التى قررت أنها ليس من أختصاصها، فعلاجها على نفقة التأمين الصحى، وهنا بدأ الجزء الأكبر من المأساة التى لا يصدقها عقل، ذهبت للتأمين الصحى بطهطا وهناك قابلت أحد الطبيبات ( س.ال.) المرشحة السابقة للبرلمان التى أستقبلتنى بحفاوة غير معتادة من الأطباء زملائها، وبذلت كافة الجهد بين غرف التأمين لمساعدتى، لكن القرار لأبد من العرض على اللجنة الطبيه باللجان المتخصصة بسوهاج ،
#ذهبت إليهم فى اليوم التالى بعد توفير سيارة خاصة ووسط الزحام الذى لا يوصف، والأعداد التى لا تصدق، بدأت بإنهاء كافة الإجراءات بعرضها على أحد الأطباء ،وبعد رؤيته للحاله وكافة الاشاعات والتحاليل وتقرير مركز المشتاوى قرر لها العمليه ووقع على القرار،
أجريت أتصالآ آخر بالنائب أخطره بالقرار كانت إجابته نفقة الدولة تحتاج إلى قرار لجنه ثلاثية، عدت إلى الدكتور (م. ح.) مدير عام التأمين بسوهاج وشرحت له كافة الظروف ودقة الحالة، فوقع متعاطفآ على القرار وطلب من أحد الأطباء ذات التخصص التوقيع معه، وعندى ذهابي إلى الموظفه لختم القرار أخذت التقرير من يدى وصاحت فى وجهى قائلة هذا الإجراء غير قانونى، نحن ليس لنا علاقة باللجنة الثلاثية وأتهمتنا عدد من التهم بدأتها بالتحايل على الأطباء، وأنهتها بالإحتيال على مبلغ العملية، وخرجت معنا إلى غرفة المدير صائحة فى وجهة قائلة، هذا التقرير يحبسك وبرغم كل محاولات المدير لأقناعها كانت تصرخ قائلة العملية ممكن تتم هنا بقرار اللجنة الطبية، حاولت أن أشرح لها مدى دقة وخطورة العملية فلا يمكن لممارس أو أستشارى عادى أجرائها ،وبرغم رؤيتها للحالة لم يرق قلبها وقامت بتمزيق الورق .
#نظرت إليها إذا بالدموع تسيل على جبينها لتغرق وجهها وأنهارت وهى تردد ماذا أفعل؟ فليس لدى واسطه لسفرها للخارج للعلاج على نفقة الدولة والتأمين لا يجرى مثل هذا النوع من العمليات الدقيقة،
حياتى محطمة لا أتمنى من الحياة سوى أن أعمل لها العمليه لتمارس حياتها مثل كل البنات التى فى عمرها ،
أختتمت قائلة ماذا أفعل فقوانين الطلاق ضدنا !! وقوانين العلاج ضدنا !!وقوانين التامين لا تسعفنا !! هل بات علينا أن نموت أما جوعآ أو قهرأ أو مرضآ
لم تسعفنى أى كلمات للتخفيف عنها فمأساتها فوق أحتمال الرجال بل فوق أحتمال الجبال أخذت على عاتقى أن تبدأ معركتى غدآ مع التأمين الصحى وحالتنا وقوانينه