18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب :- سيد أبومحروص فى ذمة الله

12:45am 20/04/21
عبدالحى عطوان
كتب /عبد الحي عطوان

 

بداية قصتى ليس قصة درامية ولا رواية لمؤلف من الروايات، وأنماحكاية من آلاف الحكايات لناس سقطت من تعداد السكان، تاتى وترحل بلا ضجيج ،
كنت أراه يومياً جالساً بارزآ ركبتية عند مرورى بذلك الميدان ، 
ملامح بشرته التى كستها لفحة الشمس قسوة الزمن التى حفرت التجاعيد على وجههه ، 
ما كان يلفت أنتباهى ويثير فضولى ،ملابسه البسيطه الرثة عمامته التى تتدلى فوق رأسه،   
أدواته  فأسه ومقطفه وجاروفه التى لا تتغيير أبدآ،
مثله مثل غيره فى آلاف الميادين ،
كنت يوميآ أقف أراقبه أرصد ملامحه ،
أشاهد نظراته التى ترصد مداخل ومخارج الميدان ،
تتجول فى كل الأركان تجوب ملابس المارة والسيارات الفارهة تبحث عن اليومية ،
همهمات أنفاسه ومناجاته وطقطقة صرير أسنانه ، 
مشهد يدفعك إلى ألف سؤال وسؤال !!
مواطن منسي من كل حسابات الحكام يصنفوه أحيانآ عمالة غير منتظمه، وتارة تكافل وكرامة، وتارة سريح باليومية، ولكن فى الحقيقة هو مواطن على باب الله ،
سنين وسنين خطط خمسيه  وستيه، وثورات وثورات ،
ألاف من القوانين وتشكيل اللجان
توصيات ومبادرات لم تنصفه، لم تنقله، من فقير أو حتى معدم الى متوسط الحال ،
وفى النهاية ظل حاله كما هو عاطلآ بلا هوية ،  
واليوم بمرورى بالميدان لم أرى ذلك الإنسان ، 
ظننت فى نفسي أن يكون قد أتاه الرزق قبل وصولى، 
وفى الصباح التالى مررت فى نفس الميعاد فلم أجده أيضآ جالساً وسط أقرانه من العمال،  
فبدات تساورنى الشكوك ربما يكون أصابه مكروه  أو أرغمته الظروف على عدم المجئ ،
وفى نفس ذات المساء وجدتنى أسترجع مع ذاكرتى ملامح هؤلاء وجلسوهم على الأرض، وكأنهم ينتظرون الحساب من رب العباد، طاف بخيالى ملامح الشقاء ،التى تكسوهم وتعبيرات الحزن والأسى، التى تغطى ملامحهم وتساءلت بينى وبين نفسي أين العدالة من هؤلاء؟
وصممت على المرور غدآ مبكراً لرؤيته والأطمئنان عليه، 
وبمرورى فى الصباح  لم أجده جالساً كالعادة !
فزاد فضولى من السؤال ؟
أقتربت من الجالسين على الأرض أقرانه ،،
هللوا عند أقترابي وتسارعوا نحوى أعتقادآ أن لدى عمل لهم، أو جئت متبرعآ بالهدايا أو العطايا، كما يحدث أحيانآ من أهل الخير، 
ولكنى بأدرتهم بالسؤال عن ذلك الغائب واصفآ ملامحه، والذى كان يجالسهم يوميا حتى أقطع عليهم التسابق والٱندفاع ، 
فأجاب أحدهم تقصد سيد أبو محروص ،

للأسف أصيب بكورونا  منذ يومان وهو الآن يرقد داخل مسكنه، فلم يجد من ينقله للمستشفى أو من يداويه من ذلك الوباء، فهو عامل باليوميه وعلى باب الله . 
أخذت عنوانه من زملاء مهنته فهو يقطن فى أحد الأحياء الشعبية المنسيه منعدمة الخدمات ،
توجهت لمنزله أخذت فى طرق الباب، حتى فتحت لى طفله صغيره تبدو عليه ملامح الجفاف والشقاء ، 
بادرتنى قائلة عمو والدى تعبان وأمى تجلس بجواره تهيل البكاء ، 
طبطبت عليها وطلبت منها منادة من بالبيت ، 
جائنى الإبن الأكبر مسرعاً متسائلأ عن هويتى، وكأنه يقول لى فى قرارة نفسه أول مرة حد يفتكرنا، و يسأل عن والدى  وكأنى من علية القوم 
فسألته عن أعراض مرض أبيه فتطابقت كل إجاباته مع ذاك الوباء الذى أجتاح كل مناطقنا وأهلنا أنها الكورونا الملعونه
وقفت أحرك أصابعى على أرقام موبيلى حتى أستقرت على رقم مدير المستشفى العام سردت له تفاصيل المرض، والظروف ،
كان رده على متأسفآ ليس لدى سرير الآن بحثت فى إتجاه آخر ومستشفى أخرى كانت كل الإجابات أنتظر حتى المساء ،، 
غادرت منزلهم على أمل العودة خلال ساعات لنقله للعلاج  ،
جلست أحاسب نفسي أوبخها على تركى له وعدم نقله الى أى مكان أخر ، تناوبت الأفكار فى رأسي وكان السؤال من أين يأتون بالطعام خلال تلك الأيام 
مرت الساعات ثقيلة على نفسي لم أتناول خلالها لا الماء ولا الطعام ، هرولت إليه مسرعآ للعلاج حسب وعدى من مديرى المستشفيات ، 
عندما أقتربت من المنزل بدأت خطواتى تبدو ثقيلة ،حتى تسمرت قدماى، وأنقبض قلبي لسماعى صوت الصراخ قادماً من خلف ذلك الباب ، 
شاهدنى الإبن فبادرنى قائلاً لقد مات الأب" مات سيد ابو محروص" 
لحظتها  لم أشعر بنفسي كأنى فقدت عزيز غالى، أغرقت عيناى بالدموع ،
وقفت لحظات فاغرآ فمى فلم تسعفنى كلمات الرثاء ولا كل دباجات العزاء، 
ماذا أكتب ولمن نناجى ومن نحاسب ومن المسئول عن هؤلاء ؟

الآن أدركت معنى أن القلم قد يحمل الما وحزنآ عندما يكتب عما يأتون ويرحلون بلا ضجيج !!  
فقد مات "سيد أبو محروص" قبل أن يصرف مرتب العمالة الغير منتظمه، أو قبل أن يصنف تحت أى بند فقد مات عاطلآ بلا هويه "مات سريح باليوميه" ومبروك عليكى يا دوله خططك الخمسيه ،

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn