دكتور عماد الصوينع يكتب: أكذوبة الزئبق الأحمر الفرعوني
علم الآثار المصرية هو أكثر العلوم في العالم الذي تختلط فيه الحقيقة بالأكذوبة ويمتزج فيه الواقع بالخيال ، وهو أمر
يرجع لطبيعتنا نحن المصريين إذ أننا شعبا احتلت الأسطورة ركنا واسعا من وجدانه منذ أقدم العصور وأصبحت الأساطير والأمور اللاواقعية جزءا من جيناتنا الوراثية نتوارثها جيلا بعد جيل ، فنحن مستعدون ومهيئون دائما لتصديق اي شيء مهما بلغت درجة الإستحالة فيه .
ومن بين الأكاذيب التي تلقي رواجا بين المصريين علي مختلف طبقاتهم الإجتماعية والعلمية منذ اكثر من خمسين عاما وحتي الآن الإعتقاد في أن مومياوات قدماء المصريين خاصة المومياوات الملكية تشتمل علي تلك المادة باهظة الثمن والتي تستخدم في صناعة الطاقة النووية المعروفة ب "الزئبق الأحمر" .
ولقد بدأت هذه الأكذوبة تنتشر بين المصريين منذ عام ١٩٦٨م وهي تعلو تارة وتخبو تارة أخري ، فما قصة هذه الأكذوبة وكيف خرجت إلي عالم الواقع ؟ هيا بنا نحكي القصة كاملة من جذورها فلعل هذه الأكذوبة تموت وإن كنت أعتقد أن ذلك لن يحدث لأننا أيضا كمصريين يطيب لنا أن نصدق
بعض الأمور رغم يقيننا أنها كذب .
في عام ١٩٣٨م أكتشف الأثري المصري وعالم الآثار الأشهر في ذلك الوقت "زكي سعد" مقبرة ، وبعد أن هدم جدار سدة حجرة الدفن بهذه المقبرة دخل حجرة الدفن بحذر ومعه بعض العمال الذين سارعوا في إضاءة المكان بالمشاعل النارية وعندما سقط ضوء هذه المشاعل الأصفر المحمر على ارجاء حجرة الدفن كانت المفاجأة مذهلة امامهم ..فالمقبرة كانت كاملة لم تمس منذ ان تم إغلاقها وقطع الأثاث الجنائزى متناثرة هنا وهناك وتماثيل كثيرة بعضها من الخشب والبعض الأخر من الحجر ، ويتصدر الحجرة تابوت حجرى ..اقترب منه "زكي سعد" ليجد عليه اسم صاحب المقبرة وهو القائد "آمون تف نخت" .وهو قائد الجيوش في عصر الأسرة السابعة والعشرين .
قام "زكى سعد " بفحص التابوت والمومياء وكان التحنيط سيىء إلى حد ما ..واثناء عملية فحصه كانت المفاجأة الثانية وذلك عندما وجد شيىء غريب اسفل المومياء غير مألوف وغير معتاد ، فلقد وجد في أحد زوايا التابوت سائل لزج ذو لون بنى يميل إلى الإحمرار فتسائل بدهشة حقيقية عن هذه المادة ؟
وهذه المادة موجودة في زجاجة الآن بمتحف الأقصر وعليها ختم رئاسة الجمهورية ...ولقد تعرض متحف الأقصر للسرقة عدة مرات من اجل الحصول على تلك الزجاجة وكلها باءت بالفشل ..وبسبب تلك الزجاجة انتشرت عبارة الزئبق الأحمر ، لكن الإنتشار الحقيقى لتلك العبارة لم يكن فى وقت اكتشاف المقبرة .....بل بعد إكتشافها بثلاثين عام 1968 وذلك بعد أن نشر صحفي إنجليزي يدعي "جوين روبرتس" تقرير سرى عن مسئول روسى ..يقول فيه ان وكالة (دوبنا للأبحاث النووية ) اكتشفت مادة تبلغ كثافتها 23 جرام يتم استخدامها بدل اليورنيوم الذى يبلغ كثافتة 20 جرام فقط ، وبالتالى يمكن صنع قنبلة ذرية بسرعة عالية وبطريقة افضل من المعتادة بتلك المادة الجديدة التي هي افضل من مادة اليورنيوم .
وأحدث هذا التقرير ضجة فى اوربا .....ومن هنا علم الروس بأمر الزجاجة فى متحف الأقصر فطلبوا من الرئيس جمال عبد الناصر أن يسمح لهم بتحليل تلك المادة التي اطلقوا عليها "الزئبق الأحمر" ....وبالفعل قاموا بتحليل المادة وشعروا بعد ذلك بخيبة الأمل إذ انهم اكتشفوا أن هذه المادة لم تكن غير بعض المواد التي استخدمت في عملية التحنيط والتي أختلطت بفعل درجة الحرارة العالية التي نتجت من غلق التابوت بإحكام أمتزجت بالماء والدم الذي سال من جثة المتوفي ، اي انهم وجدوا أن الزجاجة تحتوي علي مزيج من(ملح النطرون-نشازة الخشب -رانتج صمغى -دهون عطرية-لفائف كتانية - تربنتينا والماء والدم الذي سال من الجثة) .وعندما علم البعض بأمر هذا البحث الروسى اعلنوا بجهل كبير اكتشاف الزئبق الأحمر ومن هنا انتشر الأمر ..مما جعل الرئيس عبد الناصر يصدر قرار بأغلاق البحث ووضع ختم الجمهورية على الزجاجة لمنع سرقتها وتقليدها ...ولكن كعادة المجتمع المصرى انتشرت فية الأقاويل عن قدرة الزئبق على تسخير الجن وفعل المعجزات وشفاء الامراض وغيرها من التخاريف ..وان هذا الزئبق موجود فى حلق المومياوت ومن وقتها والامر لم يتوقف لحظة ....والنصب والإحتيال والسرقة مستمر بسبب وهم هذا الزئبق الاحم
كلية الآثار - جامعة سوهاج