الأمة الإسلامية والعربية تفقد علمًا من أعلام الوراثة المحمدية العلّامة المُحدِّث الشريف محمد الفاتح
فقدت الأمة علمًا من أعلام الوراثة المحمدية، ونجمًا في سماء الهداية الربّانية، وشمسًا من شموس العترة النبوية، وهو شيخنا العلّامة المُحدِّث المُعَمَّر الشريف محمد الفاتح ابن كبير علماء الشام السيد محمد المكي ابن الإمام المسند المحدِّث السيد محمد جعفر الكتاني الحسني الإدريسي المالكي الشامي المغربي، بقية طبقته من أكابر علماء الشام، وشيخ الطريقة الكتانية، وعميد السادة الأشراف ببلاد الشام.
وقد انتقل إلى جوار ربّه الكريم عن عمر ناهز المائة عام؛ فقد وُلد عام 1338 من الهجرة الموافق عام 1921 من الميلاد.
وهو من أواخر من يروي عن جده، وعن الشريف أحمد السنوسي، وعن مُحدِّث الشام الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني، وعن الشيخ علي الدقر، كما أخذ عن والده، وعمه السيد محمد الزمزمي، والشيخ عطا الله الكسم والشيخ عبد الجليل الدُّرّة والشيخ محمد الهاشمي التلمساني، والشيخ زين العابدين بن الحسين التونسي، والشيخ عبد الرحيم أبو الشامات، والشيخ توفيق الأيوبي، ومن في طبقتهم من أكابر علماء الشام.
ثم انتقل إلى بيروت وتخرّج من معهدها الشرعي، ثم شدّ رحاله إلى قِبلة العلوم لينهل من معين الأزهر الشريف ويحصل على درجة العالِمية منه.
وعاد إلى الشام مدرسًا ومعلمًا ومربيًا ومُحقّقًا يخدم السنة الشريفة؛ فكان ممن شارك في خدمة أول طبعة من الجامع الكبير للحافظ السيوطي رحمه الله.
وعاش عمرًا مديدًا بين تعليم وإقراء، وذكر وتذكير، وصلح وإصلاح، محبوبًا مهاب الجانب وقورًا، يُجلّه أكابر أقرانه من علماء بلاد الشام، وبقي على هذا الحال من ملازمة التعليم ومجالس الذكر حتى وافته المنية رحمه الله ونفعنا ببركاته.
وقد ترجم له فضيلة الشيخ مصطفى قبّوض بترجمة وافية "روض المعاني، في سيرة وأخبار ومناقب العلامة السيد محمد الفاتح الكتاني، عميد آل البيت النبوي في بلاد الشام".
رحم الله شيخنا وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وأخلفه في ذويه وطلبته وأحبّته وفينا وفي الأمة بخلَفٍ صالح، وألحقنا بالصالحين صالحين غير خزايا ولا مفتونين ولا مُبَدِّلين، وفرّج عن أهل الشام وعن سائر الأمّة بإحياء أنوار هديه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.
ولأبناء شيخنا وأسرته وأحبته خالص العزاء.