عبدالحى عطوان يكتب :- الرئيس ضد الفساد والحكومه والمجالس النيابية تدعمه
#حينما فكرت هذا الصباح أن أكتب مقالآ بمناسبة اليوم العالمى لمكافحة الفساد وأتناول توجيهات الرئيس الأخيرة للحكومة، بالتحول إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة ومكافحةالفساد ،فأسترجعت بذاكرتى رسم كاريكاتيرى للفنان المبدع مصطفى حسين بجريدة الأخبار عام 2004 ، يصور فية الرئيس الأمريكى جورج بوش وهو يشير بإصبعه قائلاً ، أن لم تتمكن الحكومة المصرية بحل مشكلة التوأم إبراهيم وحسام حسن مع النادى الأهلى ساقوم بضرب دولة العراق فوراً ،
#ففى السابق تغلغل الفساد، لدرجة أنه تم الترحيب به من قبل لجنة الحكم الرشيد، وكانت جمل مكافحة الفساد هى السائدة فى كل الخطابات الرنانه، بينما فى نفس الوقت، تمثلت عمليات الإصلاح فى خصخصة مرفق الكهرباء والمياه والطرق والإنفاق والنقل العام وبعض الهيئات والأراضي والمنتجعات ، ومشاريع أخرى، مما جعل وزراء ونواب كبار يساهمون فى بيع هذه الأصول مقابل مكاسب خاصة لهم ،حتى وصف بعض السياسيين حينذاك مقعد مجلس النواب أنه أفضل إستثمار فى مصر، وظللنا هكذا طوال 30 عامآ ،حتى طالعنا ذكريا عزمى بجملته الشهيرة الفساد فى المحليات للركب،
#بينما اليوم وبعد ثورة مصرية ،يأتى هذا الكاريكارتير الذى رسمة الفنان المبدع منذ خمسة عشر عاماً ، ليعبر عن الوصف الدقيق للوضع الراهن تماماً، ففى الوقت الذى يطلق فيه الرئيس الدعوة للتحول الى دوله مدينة ،ديمقراطية، حديثة ومكافحة الفساد، ويقوم بالتصديق على فصل مستشارين وقضاة ، تطلق المجالس النيابية العنان لنفسها ،فى سن القوانين التى تمنعهم من سداد المستحقات الضريبية ، برغم تقاضيهم مكافات عالية تصل الى 45 الف جنية شهريآ،ةهذا بالإضافة الى الإمتيازات الأخري، فى الوقت الذى أكتوى فيه الشعب بكافة القوانين التى أفقرته، فإذا كانت الفراعنة والإباطره قد تألهوا قديمآ ، لأنهم وجدوا جماهير تخدمهم بلا وعى، فان اليوم ايضآ الدولة هى من ساهمت فى هذه الفوضى، بان جعلت من بعض الفئات تنظم لنفسها دخول أخرى تحت أى مسميات وكوادر خاصة، وأنتقلت من النظام إلى اللانظام ،وهو ما قد يحدث خلل على المدى البعيد بالمجتمع بأكمله ،فالعدالة الضريبيه هى أحد أركان العدالة الإجتماعية ، وقد كان من الطبيعى إلا يتورط أعضاء التشريعية أنفسهم بقوانين فاسدة ،تعطى لهم أمتيازات دون الفئات الأخري ، لأنها بذلك لن تتمكن من رقابة فعالة على فساد الحكومة ،
#لذا من المفروض درآ للفساد منع أى امتيازات لهم خارج الهيئة التشريعية، وتجريدهم من وظائفهم خلال وجودهم بها، كذلك وضع قيود على الإمتيازات الأخري، مثل أن تكون الحصانة داخل المجلس فقط، وسحبها فوراً دون مماطلة وأمتثالهم للعدالة، إذا إرتكبوا جرائم تنطوى على فساد مالى، أو إخلاقى أو تشريعى،
#وإذا كانت الدولة جادة فى التحول الى دولة مدنية ديمقراطية حديثة ومكافحة الفساد، عليها أولا بضبط منظومة الأجور، ووضع آلية موحدة لفئات المجتمع، فالخلل الكبير دائما ينعكس على تدنى الإنتاجية وتفشى مظاهر الفساد، مما يعكس إنخفاض حجم الإنتاج بالمقارنة بالموارد المتاحة ،وليس لنقص الموارد،
واليوم بات واضحاً للجميع ، أن العبء الضريبي للرواتب والأجور ، يختلف كثيراً عن النصوص المنصوص عليها، مما يلغى مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة والكفاءة ،
#وعلى الدولة أن تدرك أن القوانين التى يتم تفصيلها تفصيلاً، تفتح باب للفساد، مما يزيد من خطر تراجع الديمقراطية، وتوطيد الإستبداد، كذلك من الممكن أن يكون خطرآ على الإستقرار الإجتماعى والسياسي على المدى البعيد، فالرشوة والإبتزاز، والمتاجرة بالنفوذ ، وإساءة أستغلال الوظائف ، تدمر النفس البشرية، وتهدم القيم الأخلاقية، وتسبب عملية شلل فى التنمية والبناء، مما يصيب أخلاقيات العمل والقيم الإجتماعية، الأمر الذى يؤدى الى شيوع حالة ذهنية، تسيطر على الأفراد مما يبرر الفساد ويكرس لثقافته ،بدلآ من محاربتة، ومواجهته،
#والخلاصة فخامة الرئيس ،،،
توجيهاتك للحكومة بالتحول الى دولة ديمقراطية مدنية حديثة ومكافحة الفساد، أن لم تترجم الى تشريعات جادة ،لا تفصل تفصيلاً، تحمى كافة طبقات المجتمع، وتساوى بينهما فى الحقوق والواجبات، تظل خطب رنانه وشعارات براقة ،مثل شعارات المرحلة السابقة ،وطرائف المبدع مصطفى حسين فالتوجيهات فى إتجاه والحكومة والمجالس فى إتجاه آخر تمامآ ،فنقطة البداية هى أمتيازات مجلسي النواب والشيوخ أنفسهم التى أولى محطات الفساد التشريعى والرقابي ،
#وفى النهاية سألنى الحالم عن وطنى أجبته بسؤال عن حلمى...عن أرضى ..عن مصير ترابي .. عن مستقبل أولادى
فهل عجزت السماء عن سماعى ؟