مقال بعنوان:إن الحكم إلا لله
مقال بعنوان:
إن الحكم إلا لله
كتب الأستاذ/ أحمد محمد خطاب، باحث في القانون العام
في كثير من الأحيان نجد من ينصب نفسه قاضياً يحكم على الناس بالسوء وإنعدام الخير مستنداً إلي هواجس وأفكار في مخيلته ، وفي الحقيقة ما هذا الفعل إلا إلقاء للتهم على الناس بدون وجه حق وهذا الفعل معاقباً عليه في الشريعة الإسلامية والقانون .
فبالنسبة للشريعة الإسلامية لم تترك حياة الناس وأعراضهم عرضة لذات الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم في موضع القضاة يتناولون اعراض الناس وحياتهم للطعن والتشويه والافتراء وذلك من خلال انهم يصنفوا الناس -بدون وجه حق وبدون صفة لأنفسهم- أن فلان فاسد وفلان اخر صالح .ويتضح جلياً لنا بعد إستقراء أحكام الشريعة الاسلامية أنها تدرج هذا الفعل -الحكم علي الناس بدون صفة- بأنه "إفتراء" لأنه صادر من غير أهله فضلا عن لو كانت التهمة تعد خوض في الاعراض فتعد قذفاً وله احكامه الخاصة به .والشريعة الإسلامية جرمت الحكم علي الناس بدون صفة شرعية معتبرة -الافتراء والسب والقذف- وجعلت له عقوبات مختلفة ومتفاوته -ما بين الحد والتعزير - وتختلف العقوبة بختلاف درجة جسامة الإتهام ونوعه وأيضا بإختلاف قائله وعلاقته بالشخص ، هذا فضلا عن العقاب الأخروي .
فالإسلام جعل حياة الشخص في مأمن ومصانة من عبث العابثين وجعل حياة الإنسان محترمة ومحظور المساس بها .وقد جاء هذا في الكتاب والسنة بطريقة مباشرة لا لبس فيها ولا إشكال .
《قال الله تعالي في كتابه العزيز》
- "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " . سورة النور ايه (23).
-وقال تعالي (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، «سورة ق: الآية 18».
-وقال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)، «سورة النحل: الآية 116».
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته من الغيبة، فقال: «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته»،
وانضم القانون المصري لأحكام الشريعة الاسلامية هو الأخر ولم يقف مكتوف الأيدي حول تلك الظاهرة الخبيثة فقد وضع المشرع نصوصاً واضحة لا لبس فيها ولا إشكال تعاقب كل من تسول له نفسة لإرتكاب تلك الأشياء وإعتبرها "سب وقذف" ويتضح ذلك جلياً من مطالعة نصوص مواد قانون العقوبات المصري . وذلك علي النحو الآتي.
نصت المادة 302 / 1 على تعريف جريمة القذف بأنه: "يعد قاذفاً كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: "يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه"، وبخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له، "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشاً للشرف أو الإعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه".
العقوبة المشددة فى جريمتى السب والقذف فقد بينت المادة 308 من ذات القانون الحالات التى يحكم فيها بعقوبة مشددة على المتهم فى جريمتى السب أو القذف بالنص على «إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذى ارتكب بإحدى الطرق المبينة فى المادة "171" طعناً فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا فى الحدود المبينة فى المواد 179 و181 و182 و303 و306 و307 على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور.
و أخيرا وليس آخرا لا ننسي قول الله عز وجل 《أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ*》أيه 24 ؛ 25 سورة إبراهيم.
الأستاذ
أحمد محمد خطاب
باحث في القانون العام