شخصية وعلامه مع نور سلامه

الشيخ محمد متولي الشعراوي.. إمام الدعاة وصوت السماء
السبت 3 مايو  2025 

في تاريخ الدعوة الإسلامية المعاصر، قلّ أن تجد اسمًا يأسر القلوب والعقول كما فعل الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي لم يكن مجرد عالم أزهري أو مفسر للقرآن، بل كان حالة فريدة من الإلهام، ومَعْلمًا من معالم الفهم الراقي والمبسّط لكلام الله.
الميلاد والنشأة
وُلد الشيخ الشعراوي في 15 أبريل عام 1911، بقرية دقادوس التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية. نشأ في بيت يُقدّر العلم ويحترم العلماء، فحفظ القرآن الكريم كاملًا في سن مبكرة، قبل أن يلتحق بالأزهر الشريف ليبدأ رحلته الطويلة في طلب العلم والدعوة.
طريق العلم والدعوة
تدرج الشعراوي في المراتب العلمية بالأزهر، وتخصص في اللغة العربية والشريعة، وتولى التدريس في معاهد عدة بمصر، ثم أوفد إلى المملكة العربية السعودية حيث عمل أستاذًا للشريعة بجامعة أم القرى. وهناك، زاد تألقه في التفسير، فكان أول من قدم التفسير بأسلوب مبسّط يُخاطب القلوب قبل العقول.
ظاهرة "تفسير الشعراوي"
اشتهر الشيخ بأسلوبه العفوي القريب من الناس في تفسير القرآن الكريم، حيث كان يربط الآيات بواقع الحياة، ويكشف عن المعاني بلغة يفهمها الجميع، من الأمي إلى الأكاديمي. وكان برنامجه "خواطر الشعراوي" نافذة يومية للملايين إلى نور القرآن، حتى أصبح يُعرف بلقب "إمام الدعاة".
مواقف لا تُنسى
من أبرز مواقفه الوطنية، رفضه التام للتطبيع مع إسرائيل رغم الضغوط، وإعلانه الواضح أن "القدس إسلامية الهوية والهوى". كما عرف بتواضعه وزهده، ورفضه للمناصب، فقد عُرضت عليه رئاسة الأزهر لكنه آثر العمل الدعوي.
الرحيل الصامت
في الثالث من يونيو عام 1998، فاضت روح الشيخ إلى بارئها عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد حياة قضاها في خدمة القرآن والدفاع عن قضايا الأمة. شيّع جثمانه مئات الآلاف في جنازة مهيبة، وخلّف وراءه مكتبة ضخمة من التفسير والخواطر والمحاضرات.
إرث لا يغيب
اليوم، وبعد أكثر من ربع قرن على رحيله، لا تزال خواطره تذاع وتُقرأ وتُلهم الملايين. ولا تزال كلماته تضيء طريق الباحثين عن الحقيقة، وتؤكد أن الدعوة الحقّة لا تموت بموت أصحابها، بل تظل حيّة ما دام في الناس قلوب تنبض بالإيمان.