18:10 | 23 يوليو 2019

صراعات العصر: بين عبث التطفل وحتمية التخصص

10:07am 01/05/25
صوره ارشيفيه
احمد الشبيتي

في زمنٍ تحوَّلَ فيه كل فردٍ إلى "خبير" في كل شيء، غدونا نعيش في فضاءٍ من الفوضى الفكرية والأخلاقية التي تهدد كيان مجتمعاتنا. صراعاتٌ ثقافية ودينية وسياسية واجتماعية واقتصادية تتداخل كخيوطٍ معقدة، يتصارع فيها الجهل مع العلم، والعبث مع المسؤولية، والتهور مع الحكمة. ما حدث ليس مجرد تحوُّلٍ في أدوات التواصل، بل هو اختراقٌ خطير لأسس التنظيم المجتمعي الذي قام لقرونٍ على احترام التخصص، وتقدير أهل العلم، وصون الكلمة.

 الدين بين الفقهاء والـ"فتاوى العابرة

الدين ليس ساحةً للتجربة أو الاستعراض

 فكما أن للإسلام فقهاءه المدربين على استنباط الأحكام من أصولها، وللمسيحية رهبانها وعلماؤها المختصين في تفسير الإنجيل، فإن التطفل على هذه الميادين بغير علمٍ يُفضي إلى تشويه صورة الدين، وتحويله إلى أداة صراعٍ بدلًا من أن يكون جسرًا للرحمة. القرآن الكريم يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾(النحل: 43)، فلماذا نستسهل إصدار الأحكام دون سندٍ أو دراية؟

 السياسة والاقتصاد: لعبة التخوين والجهل:

أصبح من السهل أن يتحول كل حوارٍ سياسي أو اقتصادي إلى معركة اتهامات، حيث يُختزل الوطن في شعاراتٍ جوفاء، ويُحال الاقتصاد إلى نظريات مؤامرة. القانون يُفسَّر وفق الأهواء، والقضاء يُنتقد دون فهمٍ لأسس المحاكمات. هل ندرك أن تعقيدات التشريعات تحتاج إلى عقولٍ درستها، وأن الاقتصاد ليس ورقةً تُمسح بها الانفعالات اليومية؟

التواصل الاجتماعي

 وهمُ الحرية وواقعُ الدمار

لم تكن التكنولوجيا – بحد ذاتها – لعنةً، لكن تحويلها إلى منصةٍ للسبِّ والقذف، وترويج الشائعات، وتفكيك الروابط الأسرية، جعلها سلاحًا ذا حدين. "الزمن الجميل" الذي ننشده ليس رفضًا للتطور، بل حنينًا إلى الأخلاق التي كانت تصون استخدامنا للتكنولوجيا. فحين تُغيب الضمائر، تصبح الشاشات ساحاتٍ لتجارة الأعراض، وتمزيق الكرامات.

نحو استقامةٍ واعية:

ليست الاستقامة مجرد دعوةٍ دينية، بل هي منهج حياة:  

- احترام التخصص: فكما لا نسمح لغير الطبيب بإجراء جراحة، لا ينبغي أن نتطفل على الدين والقانون بغير علم.  

- الأخلاق قبل التقنية: لنُعلِّم أبناءنا أن "اللايك" لا يبرر الإساءة، وأن الحرية تنتهي حيث تبدأ حقوق الآخرين.  

- تشريعات رادعة: على الحكومات أن تعيد تنظيم الفضاء الرقمي، وتحاسب كل من يتاجر بالكراهية.  

- دور المؤسسات الدينية: تعزيز خطابٍ دينيٍ وسطي، يُعيد الربط بين الأصالة والوعي، ويُحيي ثقافة "اسألوا أهل العلم".

خاتمة

السفينة لن تستقر إلا إذا أدرك كل راكبٍ دوره فليس من العيب أن نجهل، بل العيب أن نتجاهل جهلنا. الاستقامة التي ننشدها تبدأ باعترافنا بأننا لسنا أئمةً في كل الميادين، وأن الخلاص الجماعي يكمن في أن نعود إلى منهجية "التخصص" و"التعاون"، لا "التطفل" و"التصارع". استقيموا يرحمكم الله، فالأمم تُبنى بالعلم والأخلاق، لا بالصراخ والجهل.

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn