الحياة الزوجية ليست مظهرًا.. بل مَعْنًى"

في زمن طغت فيه المظاهر وغاب الجوهر، صارت كثير من الزيجات تنهار لأسباب ظاهرية لا تلبث أن تذوب مع أول محك حقيقي. ومع أن الأصل في الزواج هو السكن والمودة والرحمة، إلا أن البعض صار يطلب فيه الشكل والمال والمكانة، متناسيًا أن السعادة الزوجية الحقيقية لا تُبنى على هذه الأسس، بل على الطباع والقلوب وطريقة التعامل.
1) لماذا يكره الرجل زوجته؟
غالبًا لا يكره الرجل زوجته لعيب في شكلها أو جسدها، بل يكره طباعًا لم يستطع التأقلم معها: كصوتها العالي، أو التحقير المستمر من رجولته، أو العناد وغياب التقدير. حين تكون المرأة في وادٍ مادي بعيد عن واقع زوجها، تبدأ الفجوة بالاتساع.
2) ما يدوم في القلب ليس الجمال، بل العِشرة
الرجل مع الوقت يعتاد شكل زوجته، مهما كانت جميلة أو عادية، لكن لا يعتاد أبدًا على السوء في الأخلاق أو قسوة القلب أو إهانة الكلمة. وكذلك المرأة، لا تعيش مع وجه وسيم أو حساب بنكي ممتلئ، إنما تحتاج لمن يحتويها، يُقدرها، يُحسن معاملتها، ويشعرها بالأمان.
قال رسول الله ﷺ:
"خَيْرُكُم خَيْرُكُم لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُم لأَهْلِي" (رواه الترمذي)
3) الشكل يزول، والروح تبقى
الشباب يذبل، والجمال يذهب، والزمن كفيل أن يُغير الملامح، لكن يبقى البِشر، وحسن العِشرة، والتقدير المتبادل هو ما يصنع الذكرى الجميلة ويُجدد الحب يومًا بعد يوم.
4) ملايين من الأزواج لا يجمعهم شيء سوى الحب
انظر من حولك، ستجد أزواجًا بينهما تفاوت كبير في التعليم أو المال أو الشكل، لكن قلوبهم متآلفة، يعيشون في سعادة، لأنهم فهموا الحياة بشكلها الصحيح: حب، احترام، تقدير، رحمة، وصبر.
5) استثناءات لا تُقاس عليها الحياة
نعم، يُستثنى من ذلك الرجل المريض بعينيه الزائغتين وقلبه الفارغ، والمرأة الجشعة التي لا تملأ عينها الدنيا كلها. هؤلاء لا يُقيمون حياة، ولا يبنون بيوتًا، بل يهدمونها بأيديهم.
6) الحياة الزوجية... ليست خيالاً
الحياة الزوجية ليست مثالية خيالية، لكنها ممكنة وسعيدة عندما تُبنى على ما أمر الله به: الرحمة، التقدير، المسؤولية. أما باقي المشاكل فيمكن علاجها إن وُجدت النية.
قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]
7) نصيحة خالصة:
الزمن لا يعود، واليوم الذي يمضي من أعماركم لن يتكرر. لا تُفسدوا حياتكم بأوهام، ولا تُهلكوا أنفسكم وشريككم بتوقعات خيالية. عش حياتك بما أحل الله لك، وخذ من السعادة والسرور ما يجعلك عبدًا شاكرًا، لا تعيسًا ساخطًا.