18:10 | 23 يوليو 2019

"غياب التلميذ... وحضور التواطؤ المؤسسي!" بقلم : احمد عزيز الدين احمد

11:49am 10/04/25
صورة أرشيفية
احمد عزيز الدين احمد

في الوقت الذي يُرفع فيه شعار "التعليم أساس النهضة"، تتآكل أركان هذا التعليم يومًا بعد يوم تحت أنقاض الإهمال، واللامبالاة، والتواطؤ الصامت من مؤسسات يفترض بها أن تصنع المستقبل لا أن تفرّط فيه. والكارثة الأكبر ليست في تغيب التلميذ عن مقاعد الدراسة، بل في حضور منظومة كاملة تتغافل عن هذا الغياب، بل وتشرّعه، وتغض الطرف عنه، وتمنحه شرعية خفية عبر الصمت أو الإهمال أو التواطؤ المباشر.
من المسؤول؟
من المسؤول حين يُفتح باب المدرسة لتلميذ خارج منها في عزّ الدوام؟
من المسؤول حين لا يُبلّغ وليّ أمر بتغيّب ابنه لأيام متتالية؟
من المسؤول حين لا يشعر المعلم بالعار من تساهله مع غياب الطالب، بل وربما يشجعه ضمنًا على التغيّب ليريح نفسه من عبء الدرس؟
من المسؤول حين يتقاعس المدير عن تفعيل نظام الانضباط، ويتخذ من الصمت سياسة ومن التجاهل مبدأ؟
إنها ليست أسئلة عابرة، بل صرخات في وجه واقع يُراد له أن يظلّ معطوبًا!
المدرسة التي تفرّط في تلميذ، تفرّط في جيل كامل
ليست المدرسة حائطًا وساحة، بل فكرة ومسؤولية. هي المؤسسة التي صُمّمت لتكون منارة المجتمع، فإذا بها تتحول في كثير من الأحيان إلى هيكل بلا روح. يختفي فيها صوت المعلّم، ويغيب الضمير، وتتحول الرسالة النبيلة إلى واجب ثقيل لا يؤديه أحد إلا كارهًا.
نعم، نحن لا نُنكر الظروف القاسية التي يعيشها كثير من المعلمين. الراتب الهزيل، وانعدام التقدير، والضغط الإداري، والمناهج المكدّسة... لكن هذا لا يُبرّر خيانة الأمانة. فمن رضي بحمل الرسالة، لا يجوز له أن يخذلها. ومن ارتضى أن يكون مربّيًا، فلا يجوز له أن ينام وضميره غائب.
الأنظمة التعليمية: أين أنتم؟
أين دور الوزارة؟ أين التفتيش؟ أين المتابعة الجادّة؟ لماذا لا تُحاسب الإدارات المقصّرة؟ لماذا لا تُفعّل لوائح الانضباط بشكل صارم وعادل؟ أين الإجراءات الوقائية والرادعة تجاه تغيب التلاميذ؟ بل أين خريطة الطريق التي تحفظ للمؤسسة التعليمية هيبتها وفاعليتها؟
ما نشهده اليوم ليس فقط غيابًا للتلاميذ، بل تغيبًا متعمّدًا للدور التربوي. والكارثة الأعظم أن التلميذ بات يشعر أن لا أحد يُحاسبه، ولا أحد يهتم. فهل نلومه وحده، أم نلوم المؤسسة كلها حين تفقد دورها في التوجيه والمساءلة والمتابعة؟
كفى تواطؤًا وصمتًا!
لا يجوز أن تستمر المدرسة على هذه الحال، ولا ينبغي أن نُحمّل التلميذ وحده نتائج الانهيار. المسؤولية مشتركة، تبدأ من أعلى الهرم إلى أدناه، من الوزير إلى المعلم، ومن المدير إلى الحارس. الجميع شريك في الجريمة... نعم، إنها جريمة في حق جيل بأكمله!
خاتمة صارمة: إن لم تؤدّوا رسالتكم... فارحلوا!
نقولها بوضوح: إن لم تملك المدرسة الجرأة لتأدية رسالتها، فلتغلق أبوابها! وإن لم يكن لدى المعلم الشغف ولا الضمير ولا الرغبة في العطاء، فليتنحّ جانبًا! وإن لم تُحاسب الإدارات المقصّرة، فعلى الوزارة أن تعيد النظر في نفسها قبل أن تُطالب غيرها بالمحاسبة.
فالوطن لا يُبنى على شعارات جوفاء، بل على مدرسة تؤمن برسالتها، وتقوم بدورها، وتُربي أبناءها على الانضباط والجد لا على الاستهتار والغياب.
إما أن نحمي المدرسة، أو نقرأ الفاتحة على مستقبل أبنائنا.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn