حديثُ المكتبة

وَقَفْتُ على مَأدُبَةِ الكَلِمِ،
وَفي مُهْجَتي جُوعُ ألفِ قَلَمِ،
تَجُولُ يَدَايَ بَيْنَ الرُّفُوفِ،
تُنَقِّبُ فِي الصَّمْتِ عَنْ مُلْهَمِفَهَبَّتْ كُتُبٌ كَسَرْبِ الطُّيُورِ،
تُنَادِي: أَتَيْتَ، فَهَلْ مِنْ نَدَمِ؟
وَهَلْ لَكَ فِي بَحْرِنَا مِنْ سَبِيلٍ،
يُضِيءُ بِكَ الأُفْقَ فِي الظُّلُمِ؟
فَقُلْتُ: نَشَدْتُكِ، يَا كُتُبِي،
هَلِ افَاقَ قَوْمِي وَمَاتَ السَّقَمْ؟
فَأَطْبَقَ بَابٌ وَهَزَّ الجُدُرْ،
وَقَالَتْ: بَقِينَا وَمَاتَ الأُمَمْ!
فَمَنْ يُطْعِمُ العَقْلَ إِلَّا الضِّيَاءُ،
وَمَنْ يَسْتَفِيقُ بِغَيْرِ القَلَمْ؟
أَرَانَا صَحَائِفَ نَزْهُو سُدًى،
وَنُبْلِي وُجُوهًا بِوَقْعِ العَدَمْ.
وَهَزَّتْ جِلُودُ الكُتُبْ رُفُوفًا،
كَمَنْ يَسْتَغِيثُ بِوَقْعِ النَّدَمْ،
فَقَالَتْ: كَفَاكَ، فَمُتْ فِي الدِّيَارِ،
كَمَا قَدْ مَضَى العُشَّاقُ القُدَمْ.
فَقُلْتُ: إِذَنْ، لَنْ أَمُوتَ هُنَا،
وَفِي يَدِي الضَّوْءُ، فِي دَمِي الحُلُمْ،
سَأَرْفَعُ صَوْتِي وَأُشْعِلُ نَارًا،
تُنِيرُ الدُّرُوبَ بِذَاكَ القَلَمْ.
وَإِنْ أَحْرَقُوهُ، فَإِنَّ الحُرُوفَ،
تُنِيرُ الرِّيَاحَ وَتُحْيِي الأُمَمْ!.