18:10 | 23 يوليو 2019

العابرون بين الأزمنة: هل نحن زوّار في هذا العالم؟

7:56pm 16/03/25
جانب من المتابعه
بقلم / احمد عزيز الدين احمد

في كل مساء، حين تسكن المدينة ويهدأ ضجيجها، يتسلل إلى العقل سؤال قديم جديد: هل نحن حقًا أبناء هذا الزمن أم أننا عابرون بين أزمنةٍ شتى؟ هل يولد الإنسان ليعيش حياةً خطية، أم أن روحه تتشابك مع حيواتٍ أخرى، عبر أزمنةٍ لم ندركها بعد؟الزمن… ذلك اللغز الذي يحيط بنا

 

الزمن، ذاك السيد المطلق، يُخضعنا لمنطقه الصارم، فنراه خطًّا مستقيمًا نمضي فيه دون رجعة. لكن، ماذا لو كان الزمن دائرة؟ ماذا لو أننا نعيش ذات اللحظات مرارًا، ولكن بتجارب مختلفة، بأسماءٍ ووجوهٍ أخرى؟ ألم نشعر يومًا أن مكانًا ما يعرفنا، أو أن شخصًا غريبًا يحمل في نظراته ألف حكايةٍ لم نسمعها من قبل، لكنها تسكن فينا؟

 

هذه الأسئلة ليست حديثة العهد، بل هي أقدم من التاريخ المكتوب، تراود الفلاسفة والشعراء منذ أن بدأ الإنسان في تأمل موقعه في الكون. في الشرق، يؤمن البعض بتناسخ الأرواح، حيث تعود الروح في أجساد مختلفة، عبر أزمنةٍ متعددة، لتكمل مسارها الأبدي نحو النقاء. وفي الفلسفة الغربية، تحدث نيتشه عن "العود الأبدي"، وكأن كل شيءٍ مقدّر له أن يتكرر بلا نهاية.

 

لكن بعيدًا عن الفلسفات، أليس لدينا جميعًا إحساسٌ داخلي بأننا نحمل في أرواحنا ما هو أقدم من أعمارنا؟ أليس غريبًا أن بعضنا يمتلك حنينًا جارفًا لعصورٍ لم يعشها، ويشعر بانتماءٍ لثقافاتٍ لم يقرأ عنها إلا مصادفة؟ كيف يمكن لطفل صغير أن يتحدث عن أمور لم يعهدها، أو أن يتذكر أماكن لم تطأها قدماه؟

 

حين يتحدث العلم عن الأزمنة المتوازية

 

بينما ظلت هذه الأفكار حبيسة الروحانيات والفلسفة، جاء العلم ليحرك المياه الراكدة. في فيزياء الكم، هناك فرضيات تتحدث عن الأكوان المتوازية، حيث توجد نسخٌ متعددة منّا تعيش حيوات مختلفة، تتخذ قراراتٍ أخرى، وتخوض تجارب لم نعشها في هذا الواقع. هل يمكن أن يكون شعور "الديجا فو" دليلًا على ذلك؟ هل تلك اللحظات التي نشعر فيها بأننا اختبرنا المشهد من قبل ما هي إلا لمحة من نسخةٍ أخرى لوجودنا؟

 

والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهناك دراسات تتحدث عن أن الوعي نفسه قد يكون غير مقيد بالزمن كما نتصوره. بمعنى آخر، قد يكون وعينا يسبح بين الأزمنة، يلتقط إشارات من الماضي والمستقبل، لكنه غير قادرٍ على استيعابها كاملة. هل هذا يفسر الحدس؟ هل يفسر لماذا نشعر أحيانًا أننا نعرف أشياء لم نتعلمها أبدًا؟

 

الحنين إلى المجهول… أزمنة تسكننا

 

الغريب أن هذا الإحساس لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمتد إلى الحضارات. كم من شعوبٍ بنت معابدها نحو النجوم، وكأنها تتذكر موطنًا آخر؟ كم من ثقافاتٍ تتحدث عن "العصر الذهبي"، وكأنه ذكرى غامضة تسكن في الوعي الجمعي؟ حتى في الفن، نجد رسامين يرسمون أماكن لم يروها، وموسيقيين يعزفون ألحانًا تبدو وكأنها قادمة من زمنٍ آخر.

 

بل حتى الأماكن تملك ذاكرة. هناك مدن نشعر بأنها تعرفنا، بأننا مررنا بها يومًا رغم أننا نزورها لأول مرة. هناك طرقات تبدو مألوفة، وأصواتٌ تطرق القلب قبل الأذن، كأنها تنادي فينا ذكرى لم تولد بعد.

 

هل نحن مسافرون أم مقيمون؟

 

لكن، إن كنا زوارًا في هذا العالم، فماذا بعد؟ هل يعني ذلك أننا سنرحل إلى زمنٍ آخر؟ هل نحن مجرّد نقاط عابرة في نهرٍ لا يتوقف؟ أم أننا نحمل في داخلنا كل الأزمنة، لكن وعينا لم يدرك ذلك بعد؟

 

الإنسان كائنٌ يقتفي أثر ذاته، يبحث عنها في وجوه العابرين، في الكتب القديمة، في الأماكن التي لا يعرف لماذا يعشقها. ربما لأننا في الحقيقة لسنا أبناء لحظةٍ واحدة، بل نحن نسيجٌ من حكاياتٍ متداخلة، تمتد عبر الأبد.

 

ويبقى السؤال مفتوحًا، بلا إجابة قاطعة: هل نحن أبناء هذا الزمن، أم أننا مجرد مسافرين، نستريح قليلًا قبل أن نواصل رحلتنا نحو ما لا نعرف؟ 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn