فريد عبد الوارث يكتب: الحق أحق أن يُتبع

قد يأتي وقت لا يكون بمقدور المرء في ظروف معينة أن يعلن الحقيقة كلها لكن لا بأس بأن يقدم بعضها لكن المهم ألا يغالط ضميره ليُزيّف الحقيقة أو يتستّر عليها إذ إنه في هذه الحالة لن يكون مجرد شيطان أخرس و إنما سيقع فيما هو أسوأ، حيث يصبح "شيطاناً فصيحاً ناطقاً "، و حينها لن يكتفي بالسكوت على الحق و إنما سيتورط في الترويج للباطل و تزييف الحقائق و نكران الحقيقة لحسابات متعددة!
فالشجاعة في الحق لا تحتسب عندما يظهر الضوء الأخضر و لكنها تُختبر عندما يتطلب الأمر اختراق الخطوط الحمراء ففي الأول يتم العبور بالمجّان أما في الثانية فتجاوز الخط له ثمنه و تكلفته، خسارة طرف أو كسب عداوته.
ولعل وضع علم مصر و بعض الدول العربية على منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين اليوم بمثابة تحول كبير في نهج حركة حماس، و قد يصح أن نقول أنه تحول كبير في أيدولوجيتها و خطواتها القادمة لعدة أسباب كما يلي:
أولاً .. كانت حماس ترفع علم إيران أو تركيا و تتجاهل أعلام الدول العربية و منها مصر لفترات طويلة عكس ما حدث اليوم.
ثانياً .. صدرت حماس و أغلب حركات المقاومة الفلسطينية لأتباعها و للرأي العام العالمي أن داعيميها الرئيسيين ليس الدول العربية، مما يعني ضمنياً ولائها للدول الداعمة و تنفيذ أجندتهم في فلسطيين بما يخدم مصالحهم و خاصة إيران .
ثالثاً .. تصدرت نغمة بيع العرب لفلسطين الرأي العام حتى صدقت الشعوب العالمية تلك الأكاذيب.
رابعاً .. ظهرت خيانة الفرس و الأتراك لفلسطين واضحة جلية عقب أحداث 7 أكتوبر و انهيار حزب الله و اغتيال الرئيس الإيراني و مقتل هنيه في قلب طهران و حينها ساومت إيران على عدم ضرب مفاعلها النووي مقابل التفريط في بشار الأسد و حركة حماس في محاولة لإنقاذ نفسها من التدمير حيث أنها باتت مخترقة تماماً!
خامساً .. عندما تم تدمير غزة تماماً و بدأ التنفيذ الفعلي لمخطط تهجير أهلها ظهرت الدول الصادقة في دعمها لفلسطين و كانت مصر العروبة في المقدمة، حيث قدمت آلاف الأطنان من قوت شعبها لأهل غزة برغم ظروفها الاقتصادية الصعبة و ققفت بالمرصاد لتهجير أهل فلسطين.
سادساً .. خاضت مصر أعتى معاركها الدبلوماسية في العصر الحديث ضد أقوى دول العالم و تحدت ترامب و أعلنتها قوية واضحة صادقة .. لن يتم تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، و حركت قواتها العسكرية على حدود فلسطين و انتهكت معاهدة السلام و جازفت بمستقبل 120 مليون مصري حيث بات الصدام العسكري على المحك ضد أقوى جيوش العالم و لم تأبه مصر بالنتائج.
سابعاً .. حدثت صحوه عربية و استفاقت الدول العربية بناءاً على الموقف المصري الصلب و أعلنت بعضها رفضها للتهجير، و حينها تيقنت حماس أن عروبتها هي الحصن الوحيد لها و اعترفت بذلك فعلياً و عملياً في وضع أعلام بعض الدول العربية على منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين اليوم، مما يعد موافقة على خطط مصر و رؤيتها للقطاع و اعترافاً رسمياً بدورها.
وأخيراً و ليس آخراً .. تثبت الأيام و الوقائع صدق مصر و قيادتها الساسية و العسكرية في دعم فلسطين و تقطع ألسنة الكاذبين و المتاجرين بالقضية و تعيد الحق لأصحابه شاء من شاء و أبى من أبى.
هي مصر و ستظل الحصن و الحمى و ستحيا لتحيا الأمة و ستحيا لتزول الغمة .. و السلام