معركة قادش
أشهر معركة في التاريخ وقعت هذه المعركة بين قوات الملك " رمسيس الثاني " ملك مصر والحيثين بقيادة الملك " مواتللي الثاني " بمدينة قادش التي تقع على الضفة الغربية لنهر العاصي في سوريا جنوب بحيرة حمص بعدة كيلومترات ، فهذه المعركة مؤرخة في العام الخامس من حكم الملك رمسيس الثاني أي حوالي عام 1274ق.م .
بدأ إنحسار النفوذ الفرعوني في أسيا في أواخر عصر ملوك الأسرة الثامنة عشر نتيجة للإضطرابات التي خلفتها الحرب الأهلية في مصر أثناء ثورة إخناتون الدينية ، مما جعل الحيثين يستغلون هذه الإضطرابات لكي يقوموا بتحالف ضد الفراعنة ونجاحهم في ذلك ، وبالتالي فقدان الفراعنة للكثير من مناطق نفوذهم في أسيا الغربية ، وذلك دون أن يتحرك الملك " إخناتون " لتلبية طلبات النجدة التي كان يرسلها إليه أمراء المدن الأسيوية الموالون للفراعنة فيما عرف "برسائل تل العمارنه" .
وبعد وفاة الملك إخناتون وفشل ثورته الدينية والعودة إلى عبادة الإله آمون تولي بعده الملك " حور محب " مقاليد الأمور والذي يعتبر آخر فراعنة الأسرة الثامنة عشر الذي قام بتنظيم الشؤون الداخلية لمصر ، والذي توفي دون وريث بعد أن نجح في إعادة الأمن إلي البلاد تولي بعده أحد قادة الجيش وهو " رمسيس الأول " مؤسساً بذلك الأسرة التاسعة عشر .
وقد أخذ ملوك هذه الأسرة على عاتقهم إستعادة النفوذ الفرعوني في أسيا مرة أخرى ، فبعد وفاة الملك "رمسيس الأول" بعد سنتين من الحكم ، بدأ إبنه وخليفته "سيتي الأول" حملاته العسكرية ضد الحيثيين ، وبالفعل نجح "سيتي الأول" بعد عدة حملات عسكرية وتقابل مع جيوش الحيثيين بالقرب من قادش وعقد صلح معهم ومات بعد 14 عام من الحكم ، وتولي الحكم بعده إبنه " رمسيس الثاني " وقد قام الفرعون رمسيس الثاني بحملته الأولى في العام الرابع من حكمه وعبر فلسطين ووصل بجيوشه إلي نهر الكلب " بالقرب من بيروت " واستعاد مقاطعة " أمور " من الحيثيين ، وبغرض السيطرة على بلاد الشام تحرك الملك رمسيس الثاني بجيوشه في العام الخامس من حكمه ، وتواجه مع جيوش الحيثيين عند مدينة قادش على نهر العاصي وانتهت بتعادل الطرفين ولجوؤهما إلي التصالح لإنهاء الصراع خرج رمسيس الثاني بجيوشه من
" قلعة ثارو الحدودية " وبعد مرور شهر وصل بجيوشه إلي مدينة قادش عند ملتقي نهر العاصي .
وكان الجيش يتكون من أربعة فيالق وهي فيالق " آمون ، ورع ، وبتاح ، وست " وهي أسماء الألهة الكبري .
بينما كان الملك " مواتللي " ملك الحيثيين قد حشد جيشاً قوياً إنخرط فيه الكثير من الجنود بالإضافه إلي جيوش حلفائه واتخذ من قادش مركزاً لجيوشه .
المعركة .
كان رمسيس معسكراً بجيشه بالقرب من قادش ، دخل معسكره إثنان من الشاسو " البدو " إدعيا أنهما فاران من جيش الملك الحيثي ، وأظهرا الولاء للملك رمسيس الثاني الذي سلمهما إلي رجاله ليستجوبوهم عن مكان جيوش الحيثيين ، فأخبرا بأن ملك الحيثيين قد بعد عن الموقع وهو حالياً في حلب شمال سوريا ، ولم يكن هذان الشاسو غير جواسيس ، أسرع الملك رمسيس على رأس فيلق آمون وعبر نهر العاصي ثم سار إلي مرتفع شمال غربي قادش وأقام معسكره هناك ، في إنتظار وصول باقي الجيش الذي كان يظن أنه في الشمال مثلما أخبره الجاسوسان وفي هذه الأثناء قبض جيشه علي إثنين من جنود العدو الذين إستخلصو منهما الحقيقة وهي أن الحيثيين كانوا كامنين في قادش وأن جيوش الحيثيين كانت في طريقها لعبور نهر العاصي ومفاجأة الجيش المصري ، وبالفعل عبر نصف الجيش الحيثي نهر العاصي وفاجئوا رمسيس الثاني الذي إرتكب خطأ بترك مساحات كبيرة بين فيالقه فهاجموا فيلق رع ودمروه تدميراً وبذلك قطعوا الإتصال بين رمسيس الثاني وبقية فيالقه وتابع الجيش الحيثي تقدمه وهاجم فيلق آمون الذي فقد نتيجة ذلك العديد من جنوده في مواجهة خطر الهزيمة المحتمة ، قاد رمسيس بنفسه هجوماً ضد الحيثيين حيث سلك بالجيش ممراً ضيقاً ليلتف حول الحيثيين ودفع بهم حتي النهر ، وفاجأ الحيثيين وصول إمدادات من جنود رمسيس القادمين من بلاد أمور ووجد الحيثيين أنفسهم محاصرين واضطروا إلي ترك عرباتهم الحربية والسباحة في نهر العاصي أمام هجوم الرعامسة . وبعد معارك ضارية بين الطرفين والخسائر التي لحقت بهم إتفق الطرفان على الصلح وكتبت نصوص المعاهدة علي جدران المعابد
النتيجة .
فشل رمسيس الثاني في كسر دفاعات قادش ونجح الحيثيون بإبقائها تحت سيطرتهم وانتهت بخسائر فادحة لكلا الطرفين .