كوتش التميز محمود ابو زيد يكتب دائرة الوهم
من اخطر الدوائر التى تحيط بالإنسان هى دائرة الوهم ونسميها بذلك لانها دائرة وهمية تشكلت من اوهام من صنع الإنسان نتيجة اخفاقات سابقة او لنظرة الإنسان الغير منصفة لنفسه ومن انه "لا يستطيع ان يفعل ذلك" والمقصود بذلك هو كل هدف او انجاز يمكن تحقيقه. وتتكون ايضا دائرة الوهم من معتقدات خاطئة عن الذات بان يقول الإنسان لنفسه ان لديه قدرات محدودة ومعدوم المواهب والمهارات مقارنة بالآخرين وانه لا يستطيع ابدا ان يكون شخصا متميزا.
كما يؤثر فى صنع هذه الدائرة الإخفاقات السابقة فى علاقة او مشروع او فى الدراسة فيخلق الإنسان حاجزا قوية حول نفسه يبنيه بقوة وعماد هذا البنيان وقوامه هو الحديث السلبى مع الذات عندما يصدر حكما نهائيا لا رجعة فيه "انه إنسان فاشل ولن ينجح فى شيء" ويتعقد هذا الحاجز عند الأشخاص شديدى الحساسية تجاه كل ما يحدث لهم والذين يعتقدون فى معظم الأحيان انهم ضحايا للمجتمع وللناس وللظروف من حولهم والحقيقة انهم ضحايا لأنفسهم ولطريقة تفكيرهم. إن فقدان الثقة فى الذات امر خطير يقضى على كل ما يطمح له الإنسان فكيف له ان يحقق اى حلم وبأى قدرات او مواهب اذا كان الشخص لا يثق انه قادر على ذلك.
إن نتائج الاستسلام لدائرة الوهم هى السجن الأبدي فى دائرة مغلقة وماضى مرير وضياع وملل وحزن وكآبة ومرض ويأس وتخبط.
واذا نجا الانسان من كل تلك الأوهام ربما يقع فى دائرة الوهم اذا تخيل انه مسحور او به مس او "معمول له عمل بوقف الحال او لابسه جنى" وغير ذلك من الخزعبلات التى ملئت حياة كثير من الناس فتوقفوا عن تحقيق احلامهم وعن ادراك اهدافهم. فكثير من الذين تأخر زواجهم او اخفقوا فى دراستهم او لم يجدوا عملا تعلقوا بذلك الوهم ووجدو فيه سلوى لأحزانهم ومتنفسا لمشاعرهم وحائطا قويا يلقون عليه كل أسباب الإخفاق حتى يشعروا بالارتياح. ونحن نثبت السحر كما اثبته الله سبحانه وتعالى فى كتابه ولكننا نقول ايضا من السخافة والبلاهة ان نلقى اللوم فى كل ما يحدث لنا من احداث على السحر وننتقل منه الى الشعوذة التى انتشرت كثيرا هذه الإيام.
والأمثلة على من يعيشون فى دائرة الوهم كثيرة جدا من واقعنا الذى نعيشه ومن هذا الواقع قابلنى شخص فاقد الثقة فى نفسه تماما ويظن انه غير قادر على النجاح وانه دائما يفشل ويسقط ولا يستطيع النهوض الى تحقيق اهدافه فاجتمعت عليه نفسه وفكره وقلبه وروحه مؤكدين فشله وانه لن ينجح ابدا. واستطاع ان ينقل عدم الثقة فى نفسه الى صورة قاتمة الى من حوله ، فلن يرانا الآخرين ابدا افضل مما نرى انفسنا ، فمن يرى نفسه واثقا شجاعا مقداما سوف تظهر عليه علامات تلك الثقة والإقدام والشجاعة على وجه وسلوكه فيراها كل من حوله، ومن يرى نفسه غير ذلك فهو غير ذلك. فبدأت معه جلسات الكوتشينج المرة بعد المرة حتى وضع رجله على اول الطريق واليوم شاهدت له فيديو يتحدث امام عدد كبير من الناس بكل ثقة فمن اين اتت هذه الثقة التى لم تكن موجودة. ببساطة لقد تحرر هذا الشخص من دائرة الوهم وإخفاقات الماضى بالكلية وانطلق نحو النجاح بكل حماس. لقد تداخلت دائرة المستقبل مع الحاضر اكثر من تداخل دائرة الماضى مع الحاضر فامتلئت حياته بحلمه الذى يريد تحقيقه وهدفه الذى يريد انجازه مع معرفته بذاته وامكاناته واتخاذه خطوات جادة لتنمية مهاراته فتحول المشهد الذى طغى فيه الماضى سابقا الى مشهد يطغى فيه المستقبل حاليا انتقل من تغول الماضى على الحاضر الى تغول المستقبل فوضحت الرؤيا وقويت العزيمة واستقام الطريق فانطلق نحو الهدف وهولا يبالى بما كان من قبل فتغير المشهد واشرقت شمس التغيير وغربت شمس اليأس والوهم.
مثال اخر هناك شخصان وضعا كل يملكان من مال فى مشروع واحد دون الأخذ بالأسباب التى تؤدى الى النجاح فى المشروع من داراسة جدوى ودراسة سوق وانتهى المشروع بالإخفاق التام وخسارة كل الأموال واذا امامنا مثالين مختلفين لشخصين احدهما يبكى على الأطلال ويعض بنان الندم وينسج دائرة كبيرة مغلقة من الوهم من حوله ويتحسر على ما فات وتتوقف الحياة عنده عند هذا المشروع وكيف فعل ذلك ولماذا لم يفعل ذلك الخ . واما الشخص الآخر فقد امتص الصدمة وراح يدرس اسباب الإخفاق فى المشروع والبدائل المتاحة ويتعلم الدروس المستفادة من هذه التجربة ويفكر فى كيفية المحاولة التالية وما يستطيع ان يفعله ليضمن النجاح فى المرة القادمة.
نناقش في المقال القادم – كيف نخرج من دائرة الوهم