حكاية «صندوق النداء».. «البيجر» وسيلة التواصل المفضلة للعاملين في المجال الطبي والطوارئ
التى كانت بمثابة رمز للمكانة الاجتماعية فى تسعينيات القرن العشرين، وكان هذا الصندوق الأسود البلاستيكى الصغير، الذى يصدر أصوات تنبيه ويعرض أرقاما، طوق نجاة للكثيرين، لكن الهواتف الذكية قامت بمحوها من ذاكرةلمن يرغبون فى الهروب من التتبع وفخ جمع البيانات، تعتبر أجهزة النداء "البيجر"، جذابة للغاية لهم، لأنها لا تحتوى على طرق وأنظمة تتبع المستخدمين المعقدة الحديثة، ولكل من يريد الحفاظ على الخصوصية، يستطيع أن يكون متاحا للاتصال دون أن يتم تعقبه.
وبحسب الحكومة البريطانية، استخدمت هيئة الخدمات الصحية الوطنية فى المملكة المتحدة نحو 130 ألف جهاز، استدعاء أو نداء فى عام 2019، وهو ما يعادل نحو جهاز من كل عشرة أجهزة مستخدمة حول العالم، فى الماضى كانت تلك الأجهزة تستخدم، لذات أغراض اليوم -وإن يكن بأعداد أقل كثيرا حاليا - نظرا لكونها من الطراز القديم على وجه التحديد، مما يجعلها محصنة ضد الاختراق وفاعلة فى المناطق الميتة التى لا تتوافر فيها شبكات الواى فاى، والأقبية، وانهيارات الشبكات الكارثية، مثل تلك التى حدثت أثناء هجمات الحادى عشر من سبتمبر فى مدينة نيويورك عام 2001، ويفضل بعض العاملين فى المجال الطبى خصوصا وفى حالات الطوارئ استخدام أجهزة النداء، بدلا من الهواتف المحمولة، فضلا عن كونها منقذة للعاملين فى المواقع النائية، مثل المناجم. وتستخدم أيضا فى المطاعم المزدحمة، تهتز عندما تكون الطاولة معدة للزبائن وجاهزة لاستقبالهم.
وكان المخترع ألفرد جروس، الذى يعتبره البعض "الأب الروحى"، المؤسس للاتصالات اللاسلكية، قد حصل على براءة الاختراع لأجهزة النداء فى عام 1949، بهدف توفيره للأطباء بالأساس، لكن الأطباء رفضوا فكرة أن يكون الجهاز متاحا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وبحسب تصريحات سابقة لجروس"أراد الأطباء عدم التعامل مع هذا الأمر، لأنه قد يزعج المرضى، أو يزعجهم أثناء قضاء الإجازة وممارسة لعبة الجولف، لذا لم يكن الأمر ناجحا فى البداية، كما كنت أتوقع لكنه تغير لاحقا".
وفى مدينة نيويورك تم إطلاق أولى خدمات "البيجر" فى عام 1950، حيث وافق عدد من الأطباء على دفع مبلغ 12 دولارا، مقابل الحصول على تلك الخدمة التى ساعدتهم فى التدخل بالمستشفيات عند الضرورة. وبتلك الفترة، حمل هؤلاء الأطباء أجهزة بلغ وزنها نحو 200 جرام، سمحت لهم باستقبال رسائل على بعد 40 كلم، انطلاقا من برج إرسال موحد.
وبحلول ثمانينيات القرن العشرين، أصبح الملايين من الأمريكيين يستخدمون أجهزة النداء، وكانت تلك الأجهزة بمثابة رمز للمكانة الاجتماعية، إشارات مثبتة على الأحزمة، تشير إلى أن مرتديها شخص مهم بما يكفى ليكون على أهبة الاستعداد فى أى لحظة، وارتدى الأطباء والمحامون ونجوم السينما والصحافة، هذه الأجهزة طيلة التسعينيات من القرن العشرين، بحلول منتصف التسعينيات، كان هناك أكثر من 60 مليون، جهاز نداء قيد الاستخدام وفقا لشركة الاتصالات “سبوك”. واليوم، فإن سوق أجهزة النداء محدود للغاية لكنه مستمر.